للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فسدت «أنّ» بصلتها مسد جزأي الإسناد بعد «ليت» كما سدت مسدهما في باب «ظن» كقوله تعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (١) وكما سدت مسدهما في نحو وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا (٢)، فإن مذهب سيبويه في الواقعة بعد «لو» أنها مرفوعة بالابتداء سادة بصلتها مسد الجزأين (٣)، واختصت «أنّ» بهذا بعد «لو» كما اختصت «غدوة» بالنصب بعد «لدن» (٤)، ورأي سيبويه هذا أسهل من إضمار «ثبت» بعد «لو» رافعا «لأنّ»، وما ذهب إليه هو الصحيح، فإن إضمار فعل دون مفسر ولا عوض لا نظير له (٥) بخلاف جعل «أنّ» وصلتها سادة

مسد جزأي الإسناد فإنه نظير سدها مسد جزأي الإسناد بعد «ليت» و «ظن»، فلم يكن بدعا.

فإنه قيل: لم لم يكن المفسر لثبت المضمر ما يقتضيه «أنّ» من معنى الثبوت؟

فالجواب أن يقال: لا نسلم اقتضاء «أنّ» للثبوت، ولو سلمنا اقتضاءها [٢/ ١٢٦] للثبوت لم يساو اقتضاء لفظ الثبوت لمعناه، ولو وقع لفظ الثبوت بعد «لو» لم يغن عن مفسر فعل يرفعه فأن لا يستغنى عنه «بأنّ» أحق وأولى. ونظير جعل «أنّ» بعد «لو» مبتدأ مستغنيا عن خبر، ما حكاه سيبويه من قول بعض العرب: «لحق أنّه ذاهب» بالإضافة إلى «أنّ» ما قال سيبويه كأنه قال: «ليقين ذلك أمرك»، فأمرك هو خبر هذا الكلام لأنه إذا أضاف لم يكن بد كقولك: «لحق من خير» (٦). هذا نص سيبويه، وأجاز الأخفش أن تعامل «لعلّ» معاملة «ليت» في الدخول على «أنّ» بلا فصل، فيقال: لعل أنّ الله يرحمنا (٧)، ورأيه في المسألة -


(١) سورة البقرة: ٤٦.
(٢) سورة البقرة: ١٠٣.
(٣) ينظر الكتاب (٣/ ١٢١ - ١٣٩)، وشرح الجمل لابن عصفور (١/ ٤٥٩) ط. العراق.
(٤) لمراجعه هذه المسألة وهى اختصاص «غدوة» بالنصب بعد «لدن» ينظر الكتاب (١/ ٥١، ٥٨)، والمغني (١/ ٢٦٩).
(٥) راجع الهمع (١/ ١٣٨)، والمغنى (١/ ٢٧٩ - ٢٧٠)، وابن يعيش (٨/ ٦٠)، والتصريح (١/ ٢١٧)، وإضمار «ثبت» بعد «لو» رافعا «لأنّ» هو مذهب الكوفيين والمبرد والزجاج والزمخشري وابن الحاجب وذكر السيوطى في الهمع أن هذا هو المذهب المختار لاغنائه عن تقدير الخبر وإبقاء «لو» على حالها من الاختصاص بالفعل. اه.
(٦) الكتاب (٣/ ١٥٧).
(٧) ينظر التذييل (٢/ ٧٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>