للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في رده نبو الطباع عن التكلم به.

ومنها: أنه قد يسأل فيقال: ما الذي أحوج إلى تقدير اسم «لأن» إذا خففت محذوف وهلا ادعى فيها الإلغاء؟

والجواب: أن سبب إعمالها الاختصاص بالاسم، فما دام لها الاختصاص ينبغي أن يعتقد أنها عاملة ويدل على أنها عندهم باقية على الاختصاص: كونهم استقبحوا وقوع الأفعال بعدها دون فصل، إلا أن تكون الأفعال شبيهة بالأسماء لعدم تصرفها (١)، لا يقال: سبب الفصل جعل تلك الحروف عوضا عن الاسم المحذوف، لأنه لو كان السبب ذلك، لزم الفصل بينها وبين الجملة الاسمية وهم لا يفعلون ذلك (٢).

قال الله تعالى: [٢/ ١٣٠] وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٣).

وقد تكلم سيبويه على هذا فقال: لأنهم لم يحلوا به هاهنا يعني بالاسم - لأنهم أقروا بعدها المبتدأ والخبر كما كانوا يفعلون لو شددوا. فأما إذا حذفوا وأولوها الفعل الذي لم يكن يليها فكرهوا أن يجعلوا عليها الحذف ودخولها على ما لم يكن يليها مثقلة، فجعلوا هذه الحروف عوضا (٤).

ومنها: أن سيبويه أجاز في «أن» المخففة أن تلغى لفظا وتقديرا كما ألغيت «إنّ» إذا خففت، وتكون حرفا مصدريّا لا يعمل شيئا كبعض الحروف المصدرية. -


(١) ينظر شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٤٣٦ - ٤٣٧) ط. العراق، والهمع (١/ ١٤٢).
(٢) جعل معظم النحاة سبب الفصل بين «أن» المخففة والفعل جعل تلك الحروف التي يفصلون بها - وهي لا وقد والسين وسوف - عوضا مما لحق «أن» من التغيير وهو حذف أحد النونين والاسم.
يقول الأنباري في الإنصاف (١/ ٢٠٥): «ولا تخفف من غير واحد من هذه الأحرف لأنهم جعلوها عرضا مما لحق «أن» من التغيير، وكان التعويض مع الفعل أولى من الاسم وذلك لأن «أن» لحقها مع الاسم ضرب واحد من التغيير وهو الحذف، ولحقها مع الفعل ضربان: الحذف ووقوع الفعل بعدها». اه.
وفي التصريح (١/ ٢٣٣): «ويجب الفصل في غيرهن، ليكون عوضا مما حذفوا من «أنّه» وهو أحد النونين والاسم، أو لئلا يلتبس «بأن» المصدرية، ولما كان التغيير مع الفعل أكثر مما هو مع الاسم وما أشبهه؛ عوض مع الفعل المتصرف ولم يعوض مع الاسم وما أشبهه». اه. وإذا كان الشارح هنا يمنع أن يكون سبب الفصل هو جعل تلك الحروف عوضا من الاسم المحذوف؛ فلعله يرى أن يكون سبب الفصل هو عدم الالتباس بأن المصدرية، وهو السبب الثاني الذي ذكره صاحب التصريح في نصه السابق. أو أنه يجعلها عوضا ولكن ليس من الاسم المحذوف، بل من أحد نوني «أنّ».
(٣) سورة يونس: ١٠.
(٤) الكتاب (٣/ ١٦٨ - ١٦٩) بالمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>