للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عطف المفردات لكان وقوعه قبل التمام أولى؛ لأنّ وصل المعطوف بالمعطوف عليه أجود من فصله ولو كان من عطف المفردات [٢/ ١٣١] لجاز رفع غيره من التوابع، ولم يحتج سيبويه في قوله تعالى قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١) إلى أن يجعل عَلَّامُ الْغُيُوبِ خبر مبتدأ أو بدلا من فاعل يَقْذِفُ (٢)، وأيضا فإن وأخواتها مشبهة بالأفعال لفظا ومعنى واختصاصا (٣)، فلا عمل للابتداء بعد دخولها (٤) كما لا عمل له بعد دخول الأفعال الناسخة (٥). ولقوة شبهها بالأفعال لم يبطل عملها بالفصل في نحو: إن فيك زيدا راغب (٦)، ولا بتقديم المسند في نحو: إن عندك زيدا، ولا بالحذف مع دليل كقراءة حمزة والكسائي (٧): وفى خلقكم وما يبث من دابة آيات (٨). بخلاف «ما» المشبهة بليس، و «لا» المشبهة بإنّ، فإنها ضعيفة الشبه وضعيفة العمل، ولذا لا تعمل في الخبر عند سيبويه (٩) ويبطل عملها الفصل بإجماع، فلضعفها لم تنسخ عمل الابتداء لفظا (١٠) ومحلّا، بل هو باق تقديرا بعد دخولها، ولهذا ينعت اسمها باعتبار المحل رفعا، ولم يفعل ذلك باسم «إنّ» والحاصل: أن عمل الابتداء بعد دخول إنّ وأخواتها منسوخ لفظا -


- الأصل في هذه المسألة: عطف الجمل إلا أنهم لما حذفوا الخبر لدلالة ما تقدم عليه أنابوا حرف العطف مكانه ولم يقدروا إذ ذاك الخبر المحذوف في اللفظ لئلا يكون جمعا بين العوض والمعوض منه فأشبه عطف المفردات من جهة أن حرف العطف ليس بعده في اللفظ إلا مفردا وهو يخالف ما قاله الرضي ويوافق ما قاله شيخنا. اه.
وينظر المسألة في حاشية الصبان (١/ ٢٨٥)، والهمع (٢/ ١٤٤)، ومغني اللبيب (٢/ ٤٧٤)، وشرح الألفية للمرادى (١/ ٣٥٠)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٦٧)، والتذييل (٢/ ٨٠٠٧٩٨)، والقول بأنه من عطف الجمل هو مذهب الجمهور. وانظر أيضا شرح الرضي على الكافية (٢/ ٣٥٢ - ٣٥٣).
(١) سورة سبأ: ٤٨.
(٢) الكتاب (٢/ ١٤٧).
(٣) ينظر شرح الجمل الكبرى لابن هشام (ص ٥٢)، تحقيق: علي توفيق محمد الحمد.
(٤) يرى السهيلي غير ما يراه ابن مالك هنا، فإنه يرى أن «إنّ» لم تعمل في الخبر شيئا وإنما هى عاملة في الاسم فقط، فهو - أي السهيلي - يتفق مع ابن مالك في عملها في الاسم ويختلف معه في عملها في الخبر، وينظر نتائج الفكر للسهيلي (ص ٣٤٢ - ٣٤٣) ط جامعة قاريونس.
(٥) ينظر شرح السيرافي لكتاب سيبويه (١/ ١٠٢)، تحقيق د. سيد شرف الدين.
(٦) ينظر الكتاب (٢/ ١٣١ - ١٣٢).
(٧) ينظر الحجة لابن خالويه (ص ٣٢٥)، وإملاء ما من الرحمن للعكبري (٢/ ٢٣٢)، وشرح طيبة النشر (ص ٣٩٣ - ٤٩٤).
(٨) سورة الجاثية: ٤.
(٩) ينظر الكتاب (٢/ ١٧٥).
(١٠) ينظر التذييل (٢/ ٨١٢)، والمقتضب (٤/ ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>