للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النص، ولا حجة لهما فيما حكى سيبويه من قول بعض العرب: إنهم أجمعون ذاهبون وإنك وزيد ذاهبان (١) لأن الأول تخرج على أن أصله إنهم هم أجمعون ذاهبون فهم مبتدأ وأجمعون توكيد وذاهبون خبر المبتدأ وهو وخبره خبر إنّ، وأصل الثاني: إنك أنت وزيد ذاهبان، فأنت مبتدأ وزيد معطوف وذاهبان خبر المبتدأ، والجملة خبر «إنّ» وحذف المتبوع وإبقاء التابع عند فهم المعنى جائز بإجماع، فالقول به راجح.

وغلّط سيبويه من قال: إنهم أجمعون ذاهبون وإنك وزيد ذاهبان، فقال: واعلم أن ناسا من العرب يغلطون فيقولون: إنهم أجمعون ذاهبون وإنك وزيد ذاهبان وذلك أن معناه معنى الابتداء فيرى أنه قال هم، كما قال:

١٠٣٦ - لست مدرك ما مضى ... ولا سابق شيئا ... (٢)

وهذا غير مرضي منه رحمه الله تعالى (٣)، فإن المطبوع على العربية - كزهير قائل البيت - لو جاز غلطه في هذا لم يوفق بشئ من كلام، بل يجب أن يعتقد الصواب في كل ما نطقت به العرب المأمون حدوث لحنهم بتغير الطباع. وسيبويه موافق على هذا ولولا ذلك ما قيل نادرا كلدن غدوة (٤)، وهذا جحر ضبّ خرب (٥)، وأجاز الفراء في المعطوف على اسم غير إنّ ما أجاز في المعطوف على اسم إنّ (٦)، واستشهد بقول الراجز: -


(١) الكتاب (٢/ ١٥٥).
(٢) تقدم، وينظر مغني اللبيب (٢/ ٤٧٤ - ٤٧٥)، والمقرب (١/ ١١٢)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٦٧)، والإنصاف (١/ ١٨٧ - ١٩١).
(٣) روى ابن هشام في المغني كلام ابن مالك، وأوضح أن ابن مالك يفهم من عبارة سيبويه أن المراد بالغلط فيها هو الخطأ وخرج بن هشام كلمة الغلط في عبارة سيبويه بأن معناها التوهم، فقال بعد أن أورد العبارة:
ومراده بالغلط ما عبر عنه غيره بالتوهم، وذلك ظاهر من كلامه ويوضحه إنشاده البيت - أي قول زهير - وتوهم ابن مالك أنه أراد بالغلط الخطأ فاعترض عليه بأنا متى جوزنا ذلك عليهم زالت الثقة بكلامهم وامتنع إن تثبت شيئا نادرا لإمكان أن يقال في كل نادر: إن قائله غلط. اه. المغني (٢/ ٤٧٨).
(٤) ينظر الكتاب (١/ ٥١، ٥٨، ١٥٩، ٢١٠)، (٢/ ٢٨١، ٣٧٥)، (٣/ ١١٩).
(٥) ينظر الكتاب (١/ ٤٣٦ - ٤٣٧).
(٦) ينظر شرح الألفية للمرادي (١/ ٣٤٩)، والهمع (٢/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>