للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وفي الكلام تسوية بين حسبت وأخواتها نعم إنه حين قال: لأنك قد تقول:

ظننت فيقتصر، لم يقصد الإطلاق والاختصاص، بل قصد التنبيه على أن بعض المواضع قد يقتصر فيه على الفعل ومرفوعه لقرينة تحصل بها الفائدة واكتفي بظننت اختصارا واتكالا على العلم بمساواة غير ظننت لظننت، وذهب ابن السراج (١) والسيرافي إلى جواز الاقتصار على مرفوع هذه الأفعال مطلقا (٢) وكان الذي دعاهما لهذا أن الأخفش قال في كتابه المسمى بالمسائل الصغرى: تقول: خبرت عبد الله، وظن عبد الله، وأعلم عبد الله، إذا كنت تخبر عن الفعل (٣) هذا نصه. والذي عندي في هذا أن الأخفش لم يقصد جواز الاقتصار مطلقا، بل مع قرينة محصلة للفائدة، كقولك لمن قال: (من ظنني ذاهبا؟): (ظن عبد الله)، ولمن قال:

(من أعلمك أني ذاهب؟): (أعلم عبد الله) ولذلك قال: إذا كنت تخبر، فإن الناطق بما لا فائدة فيه ليس بمخبر.

وأشرت بقولي: «ولهما من التقديم والتأخير ما لهما مجردين» إلى أن الأصل تقديم المفعول الأول وتأخير المفعول الثاني، وأنه قد يعرض ما يوجب البقاء على الأصل، وما يوجب الخروج عنه، كما يعرض في باب الابتداء، فإن لم يعرض موجب لأحد الأمرين جاز التقديم والتأخير فمن [٢/ ١٦٦] موجبات البقاء على الأصل: تساويهما في تعريف أو تنكير (٤)، نحو: ظننت زيدا صديقك وعلمت خيرا منك فقيرا إليك، ومن موجبات الخروج عن الأصل حصر المفعول الثاني (٥) نحو: ما ظننت زيدا إلا بخيلا، وقد بينت أسباب البقاء على الأصل والخروج عنه في باب الابتداء مستوفاة فأغنى ذلك عن استيفائها هنا وأكتفي بالإحالة -


(١) سبقت ترجمة ابن السراج.
(٢) ينظر: أصول النحو لابن السراج (١/ ٢١٦ - ٢١٧)، وشرح السيرافي للكتاب (١/ ١٠٠ - ١٠١) تحقيق د/ سيد شرف الدين، (٢/ ٦٢٠) تحقيق د/ دردير محمد أبو السعود.
(٣) ينظر: التذييل: (٢/ ٩٤٠)، وشرح الصفار للكتاب (ق ٤٦ / أ).
(٤) لأنه لو قدم الخبر على المبتدأ وهما متساويان تعريفا وتنكيرا لا يعلم أن المقدم هو الخبر إذ ليس هناك سبب لتقديمه حينئذ.
(٥) في (ب) حصر المفعول الأول نحو: «ما ظننت بخيلا إلا زيدا» وقد أشار الناسخ في هامش (أ) إلى هذه الزيادة بقوله: لعل الأول نحو: ما ظننت بخيلا إلا زيدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>