الإسناد اللفظي مختص بالأسماء، كاختصاص المعنوي بها، وذلك أنّا إذا قلنا: قام مبني على الفتح، ومن حرف جر، كان قام ومن، في هذين التركيبين، مبتدأين، والمبتدأ لا يكون غير اسم، فلم يسند إلى الفعل وهو باق على الفعلية، ولا إلى الحرف وهو باق على الحرفية؛ بل صير كل منهما اسما، وأسند إليه.
والجواب عن ذلك: أن قام، إنما وضعته العرب فعلا، وكذا من، إنما وضعته العرب حرفا، وإنما الكلام فيما هو اسم بالوضع لا فيما أدت ضرورة التركيب إلى الحكم عليه بالاسمية لعارض، وإذا كان كذلك صدق أن الإسناد إلى فعل وإلى حرف أي: إلى ما وضعته العرب كذلك. ولا يلزم من الحكم عليها بالاسمية؛ لضرورة الحكم عليهما بالابتدائية خروجهما عن الوضع الأصلي، ولو خرجا عن وضعهما لما صحّ قولنا: قام فعل ماض ومن حرف جر.
البحث الثالث:
قد يتوجه على المصنف مؤاخذة في قوله: يسند ما لمعناها. فيقال: إن الذي لمعنى الكلمة وهي زيد، القيام مثلا، وليس القيام بمسند، إنما المسند قائم المتضمن لمعنى القيام.
فإن أجيب بأن المسند وإن كان لفظ قائم إنما هو القيام من حيث المعنى، فيندفع الإيراد، توجهت مؤاخذة أخرى وهي: أنه إذا اعتبر المعنى في جانب المسند، وجب اعتباره في جانب المسند إليه، فلا نقول: إلى نفسها أي إلى لفظها.
لأن المسند إلى اللفظ إنما هو قائم، وأما القيام فإنما هو لمدلول الاسم؛ فهو مسند إلى المعنى لا إلى اللفظ. إلا أن يريد أنه يسند ما للمعنى بلفظ يتضمنه إلى نفس ذلك المعنى فيصح.
البحث الرابع:
نوقش المصنف في قوله:«وليس المراد بالنّظير ما وافق معنى دون نوع؛ بل المراد ما وافق معنى ونوعا».
فقيل: إذا كان الأمر موقوفا على الموافقة في المعنى والنوع، كانت معرفة كونه نظيرا مستلزمة لمعرفة اسميته، فلا يحتاج إلى أن يعرف بالإسناد إلى نظيره.
ثم ذلك مستلزم للدور؛ لأن معرفة كونه اسما متوقفة على معرفة نظيره وكونه -