للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التعليل الثاني أظهر من الأول؛ لأن الأول منقوض بأنك تقول: زيد ظننت اليوم مقيم، فإنك أعملت ظننت في الظرف مع أنها ملغاة عن المفعولين، إلا أن يجاب عن هذا بأن يقال: المصدر لا يعمل فيه إلا الفعل أو ما شاركه في الحروف والمعنى بخلاف الظرف، وإذا كان العامل في المصدر لا يكون إلا كذلك كان عمل الفعل في المصدر أقوى من عمله في الظرف، فيدل ذلك على قوته، وإلغاؤه يدل على ضعفه فتنافيا، وأيضا فإن التأكيد بالمصدر فيه قوة للفعل لأنه في حكم تكريره فيزداد بالتوكيد قوة، وإذا كان كذلك امتنع إلغاؤه وخصوصا عند من يرى أن مسوغ الإلغاء إنما هو الضعف بالتوسط أو التأخر (١).

ومنهم من قال: العلة في ذلك أن العرب قد تقيم المصدر إذا توسط مقام الفعل وتلغيه مع ذلك وتجعله بدلا فتقول: زيد ظنّا منطلق فيكون المصدر إذ ذاك منصوبا بظننت مضمرا، وجاز إضمار الفعل لدلالة الكلام عليه من جهة أنك إذا قلت: زيد ظنّا منطلق علم أنك لم تقل هذا الكلام إلا بعد أن ظننتم كذلك، فلما كانوا يجعلون المصدر إذا توسط ورفعوا الاسمين عوضا من ظننت كرهوا أن يجمعوا بينهما لأن الجمع بين العوض والمعوض منه قبيح (٢) قال الشيخ مشيرا إلى هذا التعليل: إنه هو المعلل به عند سيبويه وحذاق النحويين (٣)، وأما إذا كان الفعل مؤكدا

بمصدر صريح غير منصوب أو بضمير المصدر أو باسم إشارة إليه نحو: زيد ظننت ظني منطلق، وزيد ظننته أو ظننت ذاك منطلق، فالإعمال هو الكثير، ويجوز الإلغاء على قلة (٤) على أن عبارة المصنف يفهم منها أن الإلغاء جائز مع التوكيد بالمصدر الصريح المنصوب مع أنه محكوم بقبحه، وقد جعل المرتب بالنسبة إلى ما يؤكد به الفعل ثلاثا [٢/ ١٨٧] منها ما هو قبيح، ومنها ما هو ضعيف، ومنها ما هو أقل ضعفا كما تضمنه لفظ الكتاب (٥) وقال في الشرح: ويقبح توكيد الملغي -


(١) ينظر أوضح المسالك (١/ ١٢٠)، والتصريح (١/ ٢٥٤)، وشرح الرضي على الكافية (٢/ ٢٨٠)، وحاشية الخضري (١/ ١٥٢).
(٢) ينظر الهمع (١/ ١٥٣)، والتوطئة (ص ١٦٤).
(٣) التذييل (٢/ ١٠٠٣)، وينظر الكتاب (١/ ٢٣١ - ٢٣٢، ٣١٩)، وما بعدها، وابن يعيش (٧/ ٨٦).
(٤) ينظر المقرب (١/ ١١٧)، والهمع (١/ ١٥٣).
(٥) أي كتاب التسهيل. وينظر التسهيل للمصنف (ص ٧٢)، تحقيق: محمد كامل بركات.

<<  <  ج: ص:  >  >>