للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا شك أن النصب هنا قرينة مزيلة للبس فجاز لنا أن نتصور أن «يقوم» من نحو من يقوم زيد خبر مقدم حين يقصد إدخال نحو ظننت بينهما وإعمالها اتكالا على ما سيبينه نصب زيد من أنه كان مبتدأ وأن الفعل المقدم خبره، ثم أشار المصنف بقوله: وتوكيد الملغي بمصدر منصوب قبيح إلى آخره إلى ما أذكره.

اعلم أن أصل المسألة: إذا ألغي فعل من أفعال هذا الباب لا يؤكد بمصدره فلا يقال نحو: زيد ظننت ظنّا مقيم ولا زيد مقيم ظننت ظنّا، للعلة التي ستذكر، لكنهم جوزوا حذف الفعل والتعويض عنه بالمصدر نحو: زيد منطلق ظنّا، قالوا:

وهو بدل من الفعل، فلا يجوز الجمع بينهما (١)، وقد تقدم ذكر إجازة هذه المسألة أثناء المنصوب ما نقله من كلام ابن أبي الربيع، فقد أكد بالمصدر الصريح المنصوب مع إلغاء الفعل عن العمل من جهة أنه لم يجمع بينهما وكان المصدر بدلا منه، ولا شك أنه لو لم يذكر المصدر وذكر الفعل متوسطا أو متأخرا لجاز إلغاؤه، فلما أنيب المصدر منابه وعوض به عنه كان حكمه حكمه، فقد صح لنا من هذا أن فعلا من أفعال هذا الباب إذا أكد بالمصدر وجب إعماله تقدم أو توسط أو تأخر نحو:

ظننت ظنّا زيدا قائما، وزيدا ظننت ظنّا قائما، وزيدا قائما ظننت ظنّا (٢) [٢/ ١٨٦] هذا إذا كان المصدر صريحا منصوبا، أما إذا كان صريحا غير منصوب بأن يكون مضافا إلى ياء المتكلم، أو غير صريح بأن يكون ضمير المصدر أو اسم إشارة إليه فسيأتي الكلام فيه.

وقد اختلف تعليل النحاة لعدم جواز الإلغاء أي إلغاء الفعل حين يؤكد بما ذكرنا:

فمنهم من قال: لو ألغينا الفعل مع التأكيد بالمصدر لأدى ذلك إلى التناقض، وذلك أنك تكون معملا للفعل ملغيّا له في حين واحد.

ومنهم من قال: لو ألغيت كنت من حيث تلغي غير بان الكلام على الفعل ولا يكون معتمد الكلام على الإتيان به، بل يقدر أنه عرض له ذكره بعد بناء الكلام على أن لا يكون فيه، ومن حيث تؤكد بالمصدر تكون قد جعلته أي الفعل معتمدا عليه في الكلام؛ إذ لا يؤكد من الكلام إلا موضع الاعتماد، والفائدة (٣) وهذا -


(١) ينظر الكتاب (١/ ١٢٥).
(٢) ينظر المقرب (١/ ١١٧)، وشرح الجمل لابن عصفور (١/ ٣١٦)، وشرح الكافية للرضي (٢/ ٢٨٠).
(٣) هذان التعليلان علل بهما ابن عصفور في شرح الجمل (١/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>