للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تقديمه كما قبح تقديم «حقّا» من قولك: زيد قائم حقّا.

ولذلك لم يعمل، لأنه لو عمل وهو مؤكد لاستحق التقديم بالعمل والتأخير بالتوكيد واستحقاق شيء واحد تقديما وتأخير في حال واحدة محال. انتهى (١).

وقد علل عدم العمل بشيء آخر وهو: لو نصب المفعولان بالمصدر لكانا حينئذ من صلته، وإذا كانا من صلته لم يكن للفعل المضمر [٢/ ١٨٨] ما يدل عليه، فثبت أن الموجب لإلغائه أحد أمرين، وهو استحقاق التقديم لو أعمل والفرض أنه مستحق التأخير من حيث إنه مؤكد أو فقد الدلالة على الفعل الذي أضمر عاملا، ويجوز أن يكون موجب الإلغاء كلا الأمرين، فيكون كل منهما جزء علة، ثم قال الشيخ: والمراد بالقبح هنا عدم الجواز قال: وأجاز تقديمه الأخفش، فيقال على رأيه: ظنك عبد الله حسن (٢) انتهى.

والذي تحصل لنا من هذا الكلام أعني على قول المصنف: وتؤكد الملغى بمصدر منصوب قبيح وعلى قوله: وتؤكد الجملة بمصدر الفعل بدلا من لفظه منصوبا فيلغى وجوبا: أن المصدر الصريح المنصوب إذا ذكر معه المفعولان في هذا الباب، إما أن يذكر الفعل (الناصب معه) (٣) أولا إن ذكر الفعل فالإعمال أعني إعمال الفعل حينئذ، سواء أكان المصدر مقدما أم متوسطا أم متأخرا، ولا يجوز الإلغاء إلا قبيحا (٤)، وهذا الحكم هو الذي عبر عنه المصنف بقوله: وتوكيد الملغى بمصدر منصوب قبيح. فعلمنا إن إعمال الفعل متى ذكر المصدر كان واجبا، وإن ألغي كان قبيحا، وإن لم يذكر الفعل، بل أتي بالمصدر بدلا منه كان مؤكدا لمضمون الجملة (٥)، كما أنه لا يذكر

إلا مع الفعل العامل دون الملغي وهذا الحكم هو الذي عبر عنه المصنف بقوله: وتؤكد الجملة بمصدر الفعل إلى قوله: فيلغى وجوبا.

قلت: ولم يزل يدور في خاطري من هذا شيء أعني وجوب إلغاء المصدر المذكور ولا أتجرأ على إجازة الإعمال توهما أن المسألة إجماعية، إلى أن رأيت الشيخ نقل في شرحه إجازة ذلك فقال: وذهب أبو العباس والزجاج وأبو بكر إلى جواز إعماله، فعلى مذهبهم تقول: زيدا ظنك منطلقا، وزيدا منطلقا ظنك، فتعمل لأنه -


(١) شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٨٧).
(٢) التذييل (٢/ ١٠٠٨).
(٣) في (ب) (الناصب له معه).
(٤) ينظر شرح الرضي للكافية (٢/ ٢٨٠).
(٥) زاد في (ب) «ووجب إلغاؤه، قالوا: لأنه لا يكون بدلا من الفعل العامل بل من الفعل الملغى». اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>