للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الذي علق الفعل ليس معناه على الاستفهام، ولذلك لا يكون له جواب البتّة، بخلافه إذا لم يعلق عنه الفعل، فإذا قيل: أيهم في الدار، استدعى جوابا (١)، وقد قال سيبويه ما نصه: كما أنك إذا قلت: قد علمت أزيد ثم أم عمرو أردت أن تخبر أنك قد علمت أيهما ثم (٢). انتهى.

فقول سيبويه: أردت أن تخبر أنك قد علمت أيهما ثم - نصّ على أنه لا يراد معنى الاستفهام البتة وجميع المثل التي أوردها سيبويه في الباب الذي ذكر فيه هذا النص مما صورته صورة الاستفهام ليس المعنى على الاستفهام أصلا (٣) وقد نصّ الإمام أبو الحسن بن الباذش (٤) على ذلك أيضا: قال ما نصه: علمت أزيد عندك أم عمرو ولِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ (٥) ليس حرف الاستفهام لأنه يستحيل أن يستفهم عما أخبر أنه يعلمه. انتهى.

وقال بعض حذاق شيوخنا - في قول الزجاجي: قد علمت أزيد عندك أم عمرو - ما نصه: واعلم أن أدوات الاستفهام استعملت في هذه المواضع مجردة من معنى الاستفهام، ثم قال: بعد كلام كثير وذلك أن القائل: قد علمت أزيد ثم أم عمرو، قائما - أراد أن يبين له أنه قد عرف الذي منهما وأراد أن لا يبينه للمخاطب، فجاء بلفظ الاستفهام تسوية بينهما في الإبهام على المخاطب (٦) فهذه النصوص متظافرة من أئمة العربية على أنه لا يراد به حقيقة الاستفهام.

وحكى أبو أحمد حامد بن جعفر البلخي عن أبي عثمان المازني أن مروان (٧) سأل -


(١) منهج السالك لأبي حيان (ص ٩٤).
(٢) الكتاب (١/ ٢٣٦).
(٣) في شرح الألفية للمرادي (١/ ٣٨٤ - ٣٨٥): «فإن قلت: ما معنى تعلق العلم بالاستفهام في نحو: علمت أزيد عندك أم عمرو؟ قلت: هذا كلام صورته الاستفهام، وليس المراد به الاستفهام، لأنه مستحيل الاستفهام عما أخبر أنه يعلمه، وإنما المعنى: علمت الذي هو عندك من هذين الرجلين». اه.
(٤) سبقت ترجمته.
(٥) سورة الكهف: ١٢.
(٦) أورد أبو حيان هذا النص بتمامه في كتابه منهج السالك (ص ٩٥).
(٧) هو مروان بن سعيد بن عباد بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة المهلبي النحوي، أحد أصحاب الخليل المتقدمين في النحو: المبرزين، ذكر ياقوت في معجم الأدباء أنه سمع بعض النحويين ينسب إليه هذا البيت وهو:
ألقى الصّحيفة كي يخفّف رحله ... والزّاد حتّى نعله ألقاها
ينظر في ترجمته معجم الأدباء (١٩/ ١٤٦)، والبغية (٢/ ٢٨٤) تحقيق: محمد أبو الفضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>