للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أبا الحسن الأخفش فقال: إذا قلت: قد علمت أزيد عندك أم عمرا فليس قد علمت أن ثم كونا ثابتا، ولكن لا تدري من أيهما هو؟ قال: بلى، قال: فلم جئت بالاستفهام قال: جئت به لألبس على المخبر من علمت، فقال له مروان: إذا قلت:

قد علمت من أنت وأردت أن تلبس عليه، لأنه لا يعرف نفسه، قال: فسكت، يعني الأخفش، قال أبو عثمان: عندي أنه إذا قال: قد علمت من أنت فهو لا يريد أن يلبس عليه لأنه يعرف نفسه، ولكنه أراد: قد علمت من أنت أخيرا أمرك أم

شر كما تقول: قد علمت أمرك (١) انتهى.

وكان الأستاذ أبو علي الشلوبين يروي عن بعض المتأخرين أن هذا الكلام على حذف مضاف، وأن المراد منه: قد علمت جواب هذا الكلام. وكان يعنى به ويراه في بعض أقرائه (٢) والأحسن ما قدمناه أولا من نصوص الأئمة، وكثير في لسان العرب أن يكون الكلام لفظه مخالفا لمعناه؛ ألا ترى [٢/ ١٩٦] مجيء الأمر بصورة الخبر ومجيء الخبر بصورة الأمر، وكلام العرب في تركيبه على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: مطابقة اللفظ للمعنى نحو: زيد قائم، وما قام زيد، وشبه ذلك.

[القسم] الثاني: غلبة اللفظ على المعنى نحو قولهم: أظن أن يقوم أجمعوا على صحتها وأبطل أكثر النحويين: أظن قيامك، ومعنى أن تقوم، قيامك. وإنما جاز ذلك لأن الظن لا يكتفي بكلمة واحدة وأن تقوم كلمتان في اللفظ؛ فقد اشتمل «أن تقوم» على مسند ومسند إليه بخلاف قيامك فإنه كلمة واحدة ولا إسناد فيه.

والقسم الثالث: غلبة المعنى على اللفظ نحو: ليت شعري زيدا ما صنع، حذف من «ليت» اسم المتكلم، ولم يظهر لليت خبر، ولا يجوز ذلك في غير ليت من أخواتها، لا يقال: إن شعري أباك ما صنع، والمعنى ليتني أشعر بما صنع زيد فهذا مما غلب فيه المعنى على اللفظ، ومن هذا القسم مسألتنا التي نحن نتكلم فيها وهو أن صورته صورة الاستفهام، ومعناه على غير الاستفهام، فهو مما غلب فيه المعنى على -


(١) ينظر: مجالس العلماء للزجاجي (ص ٨٧)، وأبو عثمان المازني المجدد وأثره (ص ٥٠٣)، تأليف د/ عبد العزيز فاخر، ومنهج السالك لأبي حيان (ص ٩٥).
(٢) ينظر: منهج السالك لأبي حيان (ص ٩٥)، وشرح الألفية للمرادي (١/ ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>