للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (١) فجوز «أيكم» أن تكون موصولة حذف صدر صلتها فبنيت وهي بدل ضمير المخاطب بدل بعض من كل، والعائد محذوف والتقدير: ليبلوكم الذي هو أحسن عملا منك (٢) انتهى.

وانظر إلى ما آل إليه هذا التخريج، وما يلزمه من البعد عن الفصاحة، واعلم أن دعوى التعليق في قوله تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا مشكلة فإن الفعل قد عمل في ضمير المخاطبين فكيف يكون معلقا مع كونه معملا، ولا يقال عدم تسلطه على الجملة التي هي أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا دليل تعليقه (٣) عنها، لأن الجملة الواقعة في موضع المفعول الثاني، ولو لم يكن فيها ما يوجب التعليق لا تسلط للعامل عليها نحو أن تقول: علمت زيدا أبوه قائم، فشأن الجملة الواقعة بعد أن يأخذ العامل معمولا ذلك، فلا فرق بين المشتملة على ما يوجب التعليق، وبين ما لم تكن مشتملة على ذلك.

المبحث الثالث:

قد عرفت أن يونس قد علق لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ، وأن مذهب سيبويه والخليل عدم القول بالتعليق وهو الحق (٤). قال ابن أبي الربيع: قد علم أن مذهب البصريين أنه لا يعلق إلا ما هو من الأفعال القلبية، وإلا ما هو من سببها، وزاد الكوفيون فقالوا: وإلا ما كان مسببا عنها، وذكر الآية الشريفة ثم قال: وهذا الذي قالوه يلزم عنه أن «أضرب» أزيد في الدار أم عمرو، على تقدير أعلم أزيد في الدار أم عمرو فاضربه، وهذا مما لا يثبت بدليل لا يحتمل تأويلا انتهى. ثم إن الشيخ ناقش المصنف في قوله في الشرح: وعلق «نسي» لأنه ضد علم، فقال: ليس ضد العلم النسيان ولكن ضده الجهل، وضد النسيان الذكر بالقلب (٥) انتهى.

والذي يظهر أن المصنف عبر عن المتلازمين بالآخر، إذ لا يخفى التلازم بين -


(١) سورة الملك: ٢.
(٢) التذييل (٢/ ١٠٢٣ - ١٠٢٤).
(٣) ينظر معاني القرآن للفراء (٣/ ١٦٩).
(٤) ينظر الكتاب (٢/ ٣٩٨).
(٥) التذييل (٢/ ١٠٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>