للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فحذف ذلك (١). انتهى. وهو كلام حسن غير أنه لم يتعرض إلى ذكر المفعول الأول وإنما ذكر الجملة الاستفهامية التي هي في موضع المفعول الثاني ويمكن أن يقال: إن «رأيت» هنا هي البصريّة دخلت عليها همزة الاستفهام والمعنى: أبصرت حالنا إذ أوينا إلى الصخرة كأنه يعرفه الوقت الذي نسي فيه الحوت فحذف المفعول لدلالة قوة الكلام عليه.

ومنها: زعم أبو الحسن أن مفعول أرأيت بمعنى أخبرني لا يحذف حتى تؤكد التاء في أرأيتك فنقول: أرأيتك أنت ما صنعت، وأرأيتك أنت وزيدا ما صنعتما وزعم أن هذا التوكيد يقوم مقام المفعول بدليل أنهم يعطفون عليه المنصوب وزعم أنهم لا يقولون أرأيتك أنت وزيد، قال: لأن المعطوف على الفاعل فاعل وهم لا يقولون هو أرأى زيد: لأن فاعلها لا يكون إلا مخاطبا. قال الشيخ: وما ذهب إليه خارج عن القواعد والأسهل في تخريج هذا أن أنت في أرأيتك أنت ما صنعت هو المفعول الأول واستعير ضمير الرفع لضمير النصب؛ إذ كان القياس أن تكون كلها بصيغة واحدة ولو أتيت بضمير النصب بعد أرأيتك فإن أتيت به متصلا كان في غاية الثقل أو منفصلا كنت أوقعت الضمير منفصلا بعد الفعل وهو لا يجوز لو قلت: مررت إياك لم يجز فلما كان في مجيئه منصوبا ما ذكر عدلوا إلى ضمير الرفع فأوقعوه موقعه؛ إذ كانوا يؤكدون به المضمر المنصوب والمجرور، فتقول: ضربتك أنت

ومررت بك أنت كما يؤكدون به المرفوع والذي يدل على ذلك عطفهم المنصوب عليه نحو: أرأيتك أنت وزيدا ما صنعتما والمنصوب لا يعطف على المرفوع (٢).

ومنها: أن أبا الحسن زعم أن أرأيتك إذا كانت بمعنى أخبرني فلا بد بعدها من الاسم المستخبر عنه وتلزم الجملة التي بعده الاستفهام قال: لأن أخبرني موافق لمعنى الاستفهام (٣). وما زعمه غير لازم بل يجوز حذف المفعولين وحذف أحدهما اختصارا ولا يلزم مجيء الجملة الاستفهامية بعد المفعول الأول بدليل قوله تعالى:

أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ (٤) هذا آخر الكلام -


(١) الكشاف (١/ ٤٧٧).
(٢) التذييل (٢/ ١٠٣٤).
(٣) ينظر التذييل (٢/ ١٠٣٥ - ١٠٣٦) فقد ذكر نص أبي الحسن.
(٤) سورة الإسراء: ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>