للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إهلاكنا، ومن الإسناد إلى مدلول عليه قوله تعالى: إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها (١)، ففاعل أَخْرَجَ ضمير الواقع في البحر الموصوف ولم يجر له ذكر؛ لأن سياق الكلام يدل عليه (٢)، ومثله قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» (٣).

ففاعل يشرب غير مذكور لكنه مفهوم كأنه قيل: ولا يشرب الخمر شاربها، وقد يغني عن الفاعل استحضاره في

الذهن بذكر فعل ناصب لما لا يصلح إلا له (٤)، كقول الشاعرة (٥):

١٢٥٠ - لقد علم الضّيف والمرملون ... إذا اغبرّ أفق وهبّت شمالا (٦)

فأغنى عن إظهار الريح استحضارها في الذهن بـ «هبت» ونصبه «شمالا» على الحال فكان ذلك بمنزلة التصريح بالريح [٢/ ٢٤١] ومثله قول الآخر:

١٢٥١ - وأكرم الضّيف والجار القريب إذا ... هبّت شآميّة واشتدّت القرر (٧)

فنصب شآمية وأضمر الريح وإلى هذه المواضع ونحوها أشرت بقولي: ويرفع توهم الحذف إن خفي الفاعل جعله مصدرا منويّا أو نحو ذلك. انتهى كلام المصنف -


(١) سورة النور: ٤٠.
(٢) ينظر: الكشاف (٢/ ٩٦).
(٣) حديث شريف أخرجه البخاري في كتاب الحدود (٨/ ١٥٧، ١٥٩)، وكتاب المظالم (٣/ ١٣٦)، ومسلم في كتاب الإيمان (٧٦، ٧٧)، والترمذي في كتاب الإيمان (٥/ ١٥)، وابن حنبل (٢/ ٢٤٣، ٣١٧، ٣٧٦، ٤٧٩)، (٣/ ٣٤٦)، (٤/ ٣٥٣)، (٦/ ١٣٩).
(٤) ينظر: الهمع (١/ ١٦٠)، والتصريح (١/ ٢٧١)، والبهجة المرضية (ص ٤٦).
(٥) هي جنوب بنت العجلان بن عامر الهذلية ترثي أخاها عمرا.
(٦) البيت من المتقارب وهو في: الإنصاف (١/ ٢٠٦)، ومعاني القرآن للفراء (٢/ ٩٠) والتذييل (٢/ ١١٨١)، والعيني (٢/ ٨٢)، وزهر الآداب للحصري (ص ٧٩٥)، وشذور الذهب (ص ٢٩١)، والخزانة (٤/ ٣٥٣).
والشاهد قوله: «وهبت شمالا»؛ حيث عاد الضمير على مستحضر في الذهن وهو الريح؛ لدلالة «هبت» الناصب «شمالا» على الحالية.
(٧) البيت وهو من بحر المضارع في التذييل (٢/ ١١٨١).
والشاهد فيه قوله: «هبت شآمية»؛ حيث عاد الضمير على مستحضر في الذهن وهو الريح كما مر في البيت السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>