للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الاستئناف والقطع، فقال له يونس: ما أحسن ما قلت لولا أن الفرزدق أنشدنيه مقلوبا (١)، يعني يونس أنه أنشده بنصب «طعنة» ورفع «عبيطات السدائف»، وعلى هذا فيكون «والخمر» معطوفا على عبيطات ويسهل الأمر، ولا يحتاج حينئذ إلى تقدير فعل محذوف، ومعنى القلب هو: أن يجعل العبيطات والخمر هي التي أحلت طعنة، وفي الحقيقة: الطعنة التي أحلت له أكل العبيطات وشرب الخمر.

وقال الشيخ أيضا في قول المصنف: (ولا يحذف الفاعل إلا مع رافعه المدلول عليه): ما ذكره فيه خلاف وإطلاق في موضع التقييد، أما الخلاف فذهب الكسائي إلى جواز حذف الفاعل وحده دون فعله، لدلالة المعنى عليه.

وأما الإطلاق في مكان التقييد فإنه كان ينبغي أن يقيد ويقول: ما لم يكن الرافع مصدرا ينحل بحرف مصدري

والفعل؛ فإنه إذ ذاك يجوز حذف الفاعل وحده دون رافعه نحو قوله تعالى: أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً (٢). انتهى (٣).

أما خلاف الكسائي في هذه المسألة فمشهور (٤) حتى أنه لا يكاد يخفى عن ضعفاء الطلبة، فكيف يجهله ابن مالك؟ هذا إذا لم يتعرض إلى ذكره في شيء من الأبواب، كيف؟ وقد ذكره في باب التنازع، ولو أهمل ذكره عذر؛ لأنه مذهب لا معول عليه.

وأما جواز حذف الفاعل إذا كان الرافع له مصدرا مقدرا بحرف وفعل؛ فقد ذكر المصنف ذلك في باب إعمال المصدر حيث قال: ولا يلزم ذكر مرفوعه، فليكن ما ذكره في باب المصدر مقيدا لما ذكره في باب الفاعل، وقال الشيخ في قول الشاعر:

١٢٥٣ - تمشي تبختر حول البيت منتحيا ... لو كنت عمرو بن عبد الله لم يزد (٥)

-


(١) ينظر: التصريح (١/ ٢٧٤)، والانتصاف على الإنصاف للشيخ محيي الدين عبد الحميد (١/ ١٨٦، ١٨٧).
(٢) سورة البلد: ١٤، ١٥.
(٣) التذييل (٢/ ١١٧٣، ١١٧٤).
(٤) ينظر: الهمع (١/ ١٦٠)، وشرح الجمل لابن عصفور (١/ ٦١٧)، وابن يعيش (١/ ٧٧)، وشرح شذور الذهب (ص ٢١٤).
(٥) تقدم ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>