للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وذهب الكسائي وهشام إلى أنه ضمير مبهم مستتر في الفعل، وجعلا الضمير المستتر في الفعل مبهما من حيث كان محتملا أن يراد به ما يدل عليه الفعل من مصدر أو ظرف زمان أو مكان ولم يقم دليل على أن المراد به بعض ذلك دون بعض قلت وهذا القول لا يخفى عدم تحققه.

ومنهم من ذهب إلى أن مرفوع الفعل ضمير عائد على المصدر، قلت: وقد عرفت بطلان قيام المصدر الذي لا تزيد دلالته على دلالة فعله مقام الفاعل وكذا بطلان قيام ضميره (١)، ولا شك أن مثل هذه الأقوال لا ينبغي التشاغل بها؛ وإنما ذكرناها تبعا للذاكرين لها.

وقد ذكر الشيخ هذه المذاهب وأطال الكلام، وذكر مذهبا رابعا نسبه إلى قوم وهو أن: سير بزيد، إنما هو على إضمار الطريق؛ لأن السير لا يكون إلا في مكان، قال:

والمعنى: قطع به طريق (٢)، ولا يخفى أن التعرض إلى ذكر مثل هذه المذاهب التي لا يقوم عليها دليل ولا تتطبع في النفوس؛ فيه إتعاب للنفس، وضياع للزمان، واشتغال بما لا يجدي شيئا، ولا تعود منه فائدة. وممن ذهب [٢/ ٢٤٩] إلى أن القائم مقام الفاعل - في نحو: سير بزيد - ضمير عائد على المصدر المفهوم من الفعل؛ أبو زيد السهيلي تابعا لابن درستويه، فالتقدير عنده: سير هو بزيد، أي: سير سير، واستدل السهيلي على امتناع إقامة المجرور مقام المفعول الذي لم يسم فاعله بأمور:

١ - منها: أن المفعول المذكور إذا تقدم كان مبتدأ، كما أن الفاعل إذا تقدم صار مبتدأ وأنت لا تقول: بزيد سير؛ فيكون «بزيد» مبتدأ.

٢ - ومنها: أن الفعل لا يؤنث في نحو: سير بهند، وجلس في الدار، فلا يقال: سرت بهند، ولا جلست في الدار.

٣ - ومنها: أنه لا يتبع على المحل، فلا يقال: سير بزيد العاقل.

٤ - ومنها: أنه يجوز تقديمه قال الله تعالى: كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا (٣) أي: مسؤولا عنه، ولو كان في موضع رفع ما جاز تقديمه (٤). -


(١) ينظر: الهمع (١/ ١٦٣)، وشرح الألفية للمرادي (٢/ ٣١).
(٢) التذييل (٢/ ١١٨٨).
(٣) سورة الإسراء: ٣٦.
(٤) ينظر: أوضح المسالك (١/ ١٤٣)، والأشموني (٢/ ٦٦، ٦٧)، والهمع (١/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>