للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد رد الناس على السهيلي ذلك فقالوا: الدليل على بطلان مذهبه أن العرب تقول:

سير بزيد سيرا، بنصب المصدر؛ فدل ذلك على أن القائم مقام الفاعل هو المجرور.

وأما قوله: إن القائم مقام الفاعل إذا قدم كان مبتدأ؛ فيقال في جوابه: إن المبتدأ هو المعرّى من العوامل اللفظية، و «بزيد» ليس كذلك، فامتناع كونه مبتدأ لعارض.

وأما قوله: إن الفعل لا يؤنث في نحو: سير بهند؛ فلا شك أنك تقول: كفى بهند فاضلة، فـ «هند» فاعل «كفى» والباء زائدة، ولم يؤنث الفعل؛ فما كان جوابا عن: «كفى بهند فاضلة»، فهو الجواب عن: «سير بهند».

وأما قوله: إنه لا يتبع على المحل؛ فالجواب عنه: أن المانع من الإتباع على المحل أن هذا الموضع لا يجوز أن يلفظ به؛ فلا يقال: سير زيد، وما كان كذلك لا يراعى محله، وقد نصوا على أنه لا يجوز أن يقال: مررت بزيد الظريف؛ لأنه لا يجوز أن يقال: مررت زيدا، وهذا بخلاف: ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ (١)؛ لأنه يجوز: ما لكم إله غيره (٢).

بقي الكلام على ثلاث مسائل:

الأولى: قد تقدمت الإشارة إلى أن المصدر المنوي المدلول عليه بالفاعل لا ينوب عن الفاعل، وتقدم قول المصنف: وقد أجاز ذلك قوم من المتأخرين، وتقدم أيضا نقله جواز ذلك عن الزجاجي، ونسبة الزجاجي الجواز إلى سيبويه، وتقدم رد ابن خروف لذلك، وأن أحدا من النحويين لا يجيز: قعد، ولا: ضحك، من غير شيء يكون بعد هذا الفعل وقد ذكر الشيخ هذه المسألة، ونقل الجواز فيها عن بعضهم وأطال الكلام ثم قال: وقد وجدت في لسان العرب ما يشهد لجواز: جلس، وقعد مبنيّا -


(١) سورة المؤمنون: ٢٣.
(٢) ينظر في الرد على مذهب السهيلي: شرح الجمل لابن الضائع (١/ ٣١)، والتذييل (٢/ ١١٨٦)، فقد رد أبو حيان على السهيلي في هذه المسألة فقال: «وهذا الذي ذكره السهيلي في: «سير بزيد» يرد عليه: «لم يضرب من رجل»؛ فإن هذا المجرور في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل، ولو قدمته لم يجز:
«من رجل لم يضرب»؛ فينبغي ألا يجوز ذلك، قال أصحابنا: والدليل على بطلان هذا المذهب أن العرب تقول: «سير بزيد سيرا» بنصب
المصدر؛ فدل ذلك على أن المجرور هو الذي يقام مقام الفاعل، وإنما امتنع أن يكون «بزيد» مبتدأ؛ لأن المبتدأ معرى من العوامل اللفظية فلا يتقدمه عامل لفظي أصلا إلا أن يكون حرف جر زائد، والباء في «بزيد» ليست بزائدة؛ فلذلك امتنع أن يكون مبتدأ» اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>