للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نيابة المصدر المبهم عن الفاعل، ولا شك أن قول الشيخ: وقد وجدت في لسان العرب ما يشهد لجواز جلس وقعد إلى آخره؛ يوهم جواز إقامة المصدر المبهم ولم يستدل على ذلك إلا بشيء أقيم فيه ضمير المصدر المختص لا ضمير المصدر المبهم.

وأما التوجيه الآخر الذي ذكره في البيت وهو: أن يجعل «عليك» محذوفة؛ لدلالة ما قبلها عليها، ويكون في موضع نصب ليتخصص المصدر المذكور فلم يظهر لي؛ لأن «عليك» المحذوفة معمولة للفعل الذي هو «يعتلل»، فمن أين يحصل التخصيص للمصدر الذي حكم بأن ضميره قائم مقام الفاعل؟ ولا يجوز أن يكون «عليك» معمولة لضمير المصدر، ولا في موضع الصفة؛ لأن ضمير المصدر لا يعمل والضمائر لا توصف إلا أن يقال: إن الفعل إذا تقيد بمعمول يتقيد مصدره أيضا؛ لأنه مصدر فعل مقيد، وإذا تقيد المصدر جعل له (تخصيص) (١).

ويحتمل أن يكون هذا مراد ابن أبي الربيع؛ فإنه قال: إذا كان المصدر مؤكدا لم يبن له الفعل إلا إن تعلق به ظرف غير متصرف نحو: جلس دونك، قال الله تعالى: وَحِيلَ بَيْنَهُمْ (٢)، ومنه قول الشاعر:

١٢٦٢ - فيالك من ذي حاجة حيل دونها ... وما كلّ ما يهوى امرؤ هو نائله (٣)

انتهى (٤).

وقوله: إلا إن تعلق به ظرف؛ يحتمل أن يعود الضمير في «به» على الفعل، وأن يعود على المصدر المؤكد، وفي عوده على المصدر البحث السابق.

المسألة الثانية: إذا أقيم المصدر الموصوف مقام الفاعل وقيل: سير عليه سير سريع، وسير حثيت، فلا يجوز أن يحذف المصدر حينئذ [٢/ ٢٥١] فيقال: سير عليه -


(١) تنظر هذه المسألة في: شرح الدماميني على المغني (٢/ ١٩٦)، والمغني (٢/ ٥١٦)، والتصريح (١/ ٢٨٩) والأشموني (٢/ ٦٥).
(٢) سورة سبأ: ٥٤.
(٣) البيت من الطويل وهو لطرفة بن العبد، وهو في: التذييل (٢/ ١١٩٤)، والعيني (٢/ ٥١١)، وأوضح المسالك (١/ ١٤٤)، وحاشية الخضري على ابن عقيل (١/ ١٧١)، والتصريح (١/ ٢٩٠)، والأشموني (٢/ ٦٥)، وديوانه (ص ٧٨) طبعة بيروت.
والشاهد قوله: «حيل دونها»؛ حيث أسند الفعل المبني للمجهول إلى ضمير المصدر وهو «الحول»، ولم يسند إلى الظرف وهو «دون»؛ لعدم تصرفه.
(٤) ينظر نص ابن أبي الربيع في: التذييل (٢/ ١١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>