للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال بعضهم (١): إن مذهبه أن المفعول به إن تقدم على ما هو مذكور معه من هذه الأمور لا يقام غيره كما هو مذهب البصريين، وإن أخّر عنه جاز إقامة ما شئت كما هو مذهب الكوفيين، فإذا قيل: ضرب زيد يوم الجمعة أمام الأمير ضربا شديدا في داره؛ كانت إقامة زيد متعينة على مذهب البصريين، جائزة على مذهب الكوفيين ومن وافقهم (٢). وحكم المفعول المنصوب لسقوط الجار مع المفعول المتصرف بنفس الفعل كحكم المصدر والظرف والمجرور إذا اجتمعت هي أو بعضها مع المفعول به، فإذا قيل: اختير زيد الرجال، كانت إقامة زيد متعينة عند البصريين جائزة على رأي الكوفيين (٣)، وقد اختار المصنف مذهبهم فأشار إلى المسألة الثانية بقوله: (ولا تمنع نيابة المنصوب لسقوط الجار مع وجود المنصوب بنفس الفعل)، وأشار إلى المسألة الأولى بقوله: (ولا نيابة غير المفعول به وهو موجود وفاقا للأخفش والكوفيين) (٤)، ولم يتعرض في الشرح إلى مسألة: اختير زيد [٢/ ٢٥٣] الرجال. واعلم أن المغاربة يعبرون عن هذه المسألة بأن الفعل له (منصوبان) (٥) أحدهما: مصرح لفظا وتقديرا، والآخر: مصرح لفظا لا تقديرا، ويقولون: إذا كان الأمر كذلك وجب إقامة المصرح لفظا وتقديرا وترك المصرح لفظا لا تقديرا، قالوا: وكلام العرب إنما ورد بذلك، قال الفرزدق:

١٢٦٣ - ومنّا الّذي اختير الرّجال سماحة ... جودا إذا هبّ الرّياح الزّعازع (٦)

-


(١) هو ابن الدهان كما في الهمع (١/ ١٦٢) حيث قال: «ونقل ابن الدهان أن الأخفش شرط في جواز ذلك تأخر المفعول به في اللفظ، فإن تقدم على المصدر أو الظرف لم يجز إلا إقامة المفعول به ...» اه، وبمثل ذلك قال ابن عقيل في شرحه (١/ ١٧١)، ولكنه لم ينسب القول إلى أحد، بل صرح هو به مباشرة.
(٢) ينظر: الأشموني (٢/ ٦٧، ٦٨)، والتصريح (١/ ٢٩١)، وشرح ابن عقيل (١/ ١٧١).
(٣) ينظر: المقرب (١/ ٨١)، وشرح الجمل لابن عصفور (١/ ٥٣٨)، والتوطئة (ص ٢٥٠).
(٤) صرح ابن مالك في شرح عمدة الحافظ (ص ٩١) بموافقته للكوفيين في جواز إقامة غير المفعول مع وجوده فقال: «والكوفيون يجيزون نيابة الثلاثة عن الفاعل مع وجود المفعول به وبقولهم أقول في هذا لثبوت السماع به، وأقوى الشواهد في ذلك قراءة أبي جعفر: ليجزى قوما بما كانوا يكسبون ..» اه.
وقد خرج البصريون هذه القراءة على أنها شاذة، وما ورد من مثل ذلك في غير القرآن على أنه ضرورة.
ينظر: التصريح (١/ ٢٩١).
(٥) في (ب): (مفعولان) وهو أدق في التعبير.
(٦) البيت من الطويل وهو في: الكتاب (١/ ٣٩)، وشرح أبيات الكتاب للسيرافي (١/ ٤٢٤)، -

<<  <  ج: ص:  >  >>