للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الشيخ بهاء الدين النحاس رحمه الله تعالى: أجمع النحاة على أنه متى أريد الحصر في واحد منهما أي: من الفاعل والمفعول مع «إنّما» وجب تأخيره وتقديم الآخر واختلفوا فيه إذا كان مع «ما» و «إلا» على ثلاثة مذاهب فذهب قوم منهم الجزولي والشلوبين إلى أنه في «ما» و «إلا» كما هو في «إنما» أيهما أريد الحصر فيه وجب تأخيره بعد «إلا» وتقديم غير المحصور، وذهب الكسائي إلى أنه يجوز فيه من التقديم والتأخير ما يجوز في كل واحد منهما إذا لم يكن معه «ما» و «إلا»، وذهب البصريون والفراء [٢/ ٢٦٦] وابن الأنباري إلى أنه: إن كان الفاعل هو المقرون بإلا وجب تقديم المفعول، وإن كان المفعول هو المقرون بها لم يجب تقديم الفاعل على المفعول؛ بل يجوز تقديم الفاعل على المفعول وتأخره عنه (١).

قال: والدليل على وجوب التأخير فيهما القياس على إنما، ودليل الكسائي قول الحماسي (٢):

١٢٨٥ - ولمّا أبى إلّا جماحا فؤاده ... ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل (٣)

-


- الوجه الأول: هو أن قوله: «إلا أن القول الذي نسبه إلى ابن الأنباري ذكر الجماعة أنه قول البصريين»؛ ليس هذا القول على الإطلاق وإنما هو رأي البصريين أكثرهم وقال به الفراء أيضا كما قال به ابن الأنباري، فكون ابن مالك هنا نسب هذا القول إلى ابن الأنباري ليس معناه أنه ليس مذهب البصريين، وقد ذكر الأشموني في تنبيهاته هذا فقال: «وذهب الجمهور من البصريين والفراء وابن الأنباري إلى منع تقديم الفاعل المحصور وأجازوا تقديم المفعول المحصور؛ لأنه في نية التأخير» اه. الأشموني (٢/ ٥٨).
الوجه الثاني: هو أن تعليله بأن ابن عصفور لم يذكر ذلك في المقرب. لم يكن هذا التعليل حجة يرد به ما نسبه ابن مالك إلى ابن الأنباري، فإن ابن عصفور قد ذكر ذلك في شرحه للجمل (١/ ١٦٤) حين قال: «وقسم يلزم فيه تأخير المفعول عن الفاعل وذلك إذا كان الفاعل ضميرا متصلا نحو: ضربت زيدا، أو مضافا إليه المصدر المقدر بأن والفعل نحو: يعجبني ضرب زيد عمرا أو مقرونا بإلا نحو:
ما ضرب زيد إلا عمرا، أو في معنى المقرون بإلا نحو: إنما ضرب زيد عمرا، أي: ما ضرب زيدا إلا عمرا، أو لا يكون في الكلام ما يبيّن الفاعل من المفعول، أو في ضرورة شعر» اه.
(١) ينظر: التذييل (٢/ ١٢٤٧).
(٢) هو دعبل الخزاعي بن علي بن رزين شاعر هجاء، بذيء اللسان، مولع بالهجو والحط من أقدار الناس.
ينظر: الشعر والشعراء (ص ٨٥٣ - ٨٥٦)، وتاريخ بغداد (٢/ ٣٨٢).
(٣) البيت من الطويل وهو في: التذييل (٢/ ١٢٤٧)، والعيني (٢/ ٤٨٠)، وأوضح المسالك (١/ ١٣٩)، والتصريح (١/ ٢٨٢)، والهمع (١/ ١٦١)، والدرر (١/ ١٤٣)، والأشموني (٢/ ٥٧)، وديوانه (ص ١٨٣).
والشاهد قوله: «ولما أبى إلا جماحا فؤاده»؛ حيث قدم المفعول المحصور بإلا على الفاعل وهو جائز عند الكسائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>