للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

منعه بهذه الصفة عد من هذا الباب، وما لا فلا، وأما المصنف فإنه فرق بين العامل الذي لا يجوز له العمل فيما قبله أصلا والعامل الذي يجوز له العمل، لكنه منعه من العمل مانع؛ فما امتنع عمله فيما قبله لذاته لا يدخل في باب الاشتغال (١)؛ ولذلك قيد المصنف العامل بكونه جائز العمل فيما قبله، فأخرج بهذا القيد ما تقدمت الإشارة إليه من: زيد ما أحسنه، وزيد تراكه، وزيد أحسن منه عمرو، وما امتنع عمل العامل فيه لا لذاته بل لعارض جعله المصنف من هذا الباب؛ لأنه لا يصور فيه من حيث الجملة أن يعمل فيه ذلك العامل، وإذا تقرر أن القسم الواجب الرفع من أقسام مسائل هذا الباب؛ فاعلم أن المصنف لم يورد الكلام فيه صريحا بأن قال: إنه يجب رفعه كما صرح في بقية الأقسام بوجوب النصب ورجحانه واستواء الأمرين، ورجحان الرفع؛ وإنما أورد صورة مستثناة [٢/ ٢٧٣] من الحكم بالنصب، ولا شك أن المستثنى مخالف في هذا الحكم للمستثنى منه، والمستثنى منه محكوم بنصبه، فوجب أن المستثنى لا ينصب، وإذا لم ينصب تعين رفعه؛ إذ لا ثالث لهما في هذا المحل.

ومنها:

أن ابن عصفور قيد العامل المشتغل بالضمير بكونه متصرفا (٢)، والمصنف عدل عن التقييد بالتصرف إلى التقييد بجواز العمل فيما قبله، والذي فعله المصنف أولى، بل هو المتعين؛ لأن سيبويه رحمه الله تعالى ذكر مسائل فلو وقعت «الإساءة» موقع أن تسيء لم يجز حذف «من» إلا في الضرورة (٣)، كقول الشاعر (٤):

١٢٩٤ - وإيّاك إيّاك المراء فإنّه ... إلى الشّرّ دعّاء وبالشّرّ آمر (٥)

-


(١) ينظر: حاشية الصبان على شرح الأشموني (٢/ ٧٥، ٧٦) حيث خرج رأي ابن مالك هناك بما خرجه ناظر الجيش هنا.
(٢) ينظر: المقرب (١/ ٨٧)، وشرح الجمل لابن عصفور (١/ ٣٦١) طبعة العراق.
(٣) ينظر: المقتضب (٣/ ٢١٢ - ٢١٥).
(٤) هو الفضل بن عبد الرحمن القرشي.
(٥) البيت من الطويل وهو في: الكتاب (١/ ٢٧٩)، والمقتضب (٣/ ٢١٣)، والخصائص (٣/ ١٠٢)، والغرة المخفية (٢٤٩)، والتذييل (٣/ ١٠٣)، والارتشاف (ص ٦٠٠)، وما يجوز للشاعر في الضرورة (ص ١٧٤)، والعيني (٤/ ١١٣)، وابن يعيش (٢/ ٢٥)، والمغني (٢/ ٦٧٩).
والشاهد قوله: «إياك المراء»؛ حيث حذفت «من» الجارة بعد «إياك» مع المصدر الصريح ولم يوجد العاطف. وهذا لضرورة الشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>