للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (٣٦) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ (١)، وقال تعالى: فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ (٢) التقدير: وأغرقنا قوم نوح وأضل فريقا، ومنه قول الربيع (٣):

١٣٠٤ - أصبحت لا أملك السّلاح ولا ... أملك رأس البعير إن نفرا

والذئب أخشاه إن مررت به ... وحدي وأخشى الرّياح والمطرا (٤)

وقول الآخر وهو امرؤ القيس:

١٣٠٥ - وأضحى يسحّ الماء من كلّ فيقة ... يكبّ على الأذقان دوح الكنهبل

وتيماء لم يترك بها جذع نخلة ... ولا أطما إلّا مشيدا بجندل (٥)

فـ «تيماء» كالذئب في قول الربيع غير أن المقدر في لفظ الربيع لفظ المفسر، والمقدر في قول امرئ القيس من معناه أي: «خرب تيماء؛ لأنه إذا لم يترك بها جذع نخلة ولا أطما فقد خربها وهدمها.

قال المصنف: وليس الغرض في ترجيح نصب ما بعد العاطف إلا تعادل اللفظ ظاهرا، ولولا ذلك لم يرجح بعد «حتى»؛ لأنها لا يعطف بها جملة بل مفرد على كل، فإذا قلت: ضربت القوم حتى زيدا ضربت أخاه؛ فـ «حتى» حرف ابتداء، ولكن لما وليها في اللفظ بعض ما قبلها أشبهت العاطف فأعطي تاليها ما يعطى تالي -


(١) سورة الفرقان: ٣٦، ٣٧.
(٢) سورة الأعراف: ٣٠.
(٣) هو الربيع بن ضبع الفزاري، من المعمرين؛ فقيل: إنه نيّف على مائتي عام. ينظر: جمهرة أنساب العرب (ص ٢٥٥).
(٤) البيتان من المنسرح وهما في: الكتاب (١/ ٨٩، ٩٠)، ونوادر أبي زيد (ص ٤٤٦)، وجمل الزجاجي (ص ٥٢)، والحلل في شرح أبيات الجمل لابن السيد (ص ٣٧، ٤٢)، وابن يعيش (٧/ ١٠٥) البيت الأول فقط، والتصريح (٢/ ٣٦)، والعيني (٣/ ٣٩٧)، والهمع (٢/ ٥٠)، والدرر (٢/ ٦٠) البيت الثاني فقط.
والشاهد قوله: «والذئب أخشاه»؛ حيث نصب «الذئب» بفعل مقدر يماثل الفعل المفسر، والتقدير:
أخشى الذئب.
(٥) البيتان من الطويل وهما في: التذييل (٣/ ٢٩)، والبيت الأول في المنصف (٣/ ٢٠)، وديوان امرئ القيس (ص ٢٤، ٢٥).
اللغة: الفيقة: ما بين الحلبتين. الكنهبل: ما عظم من شجر العضاة. الدوحة: الكثير الورق والأغصان.
تيماء: موضع. أطم: البيت المسطح.
والشاهد في قوله: «وتيماء» كالذي قبله. غير أن الفعل المقدر هنا من معنى الفعل المفسر وليس من لفظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>