للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فعل؛ لأنها اسمية من جهتها الأولى، فعلية من جهتها الأخرى، فإذا توسط عاطف بينهما وبين الاسم المشتغل عنه،

جاز رفعه ونصبه جوازا حسنا دون ترجيح؛ لأنه إذا رفع كان مبتدأ مخبرا عنه بجملة فعلية معطوفا على مبتدأ مخبر عنه بجملة فعلية، وإذا نصب كان معمول فعل معطوفا في [٢/ ٢٨٧] اللفظ على معمول فعل، فمع كل واحد من العملين مشاكلة توجد عدم المفاضلة، ولكل منهما ضعف وقوة، فضعف الرفع لترتبه على أبعد المتشاكلين، وقوته؛ لصلاحية الثاني فيه لأن يسد مسد الأول، وضعف النصب؛ لعدم صلاحية الثاني منه أن يسد مسد المحمول عليه، وقوته؛ لترتبه على أقرب المتشاكلين، فحصل بذلك تعادل في مراعاة التشاكل (١).

وشهد لحسن الوجهين قوله تعالى: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ (٢) قرأ الحرميان (٣) وأبو عمرو بالرفع، والباقون بالنصب (٤)، واتفقوا على نصب (٥) وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (٦) وكلاهما من العطف على جملة ذات وجهين، وفيهما رد على الأخفش؛ لأنه يستضعف النصب بعد العاطف على جملة ذات وجهين ما لم تتضمن الجملة المعطوفة ذكرا يرجع إلى المبتدأ، نحو: زيد لقيته وعمرو رأيته؛ فلا يستحسن نصب ما بعد العاطف؛ لأن ذلك يستلزم عطف جملة لا محل لها من الإعراب، وهذا ساقط عند سيبويه؛ لأن ما له المحل من الإعراب لما لم يظهر في اللفظ سقط حكمه، وجرت الجملة ذات المحل والتي لا محل لها مجرى واحدا، كما أن اسم الفاعل حين لم يظهر الضمير المرتفع به جرى مجرى ما لا ضمير فيه، فقيل في تثنيته:

قائمان، كما قيل: فرسان، وإذا كان اسم الفاعل قد يظهر ضميره إذا جرى على غير ما هو له ثم أجرى مع ذلك ما لا ضمير فيه لعدم ظهوره في بعض المواضع؛ كان ما لا يظهر إعرابه أصلا أحق أن لا يعتدّ به (٧)، وإن وقع بعد العاطف «أمّا» أبطلت حكم -


(١) ينظر: التوطئة (ص ١٨٤، ١٨٥)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٩٣)، وشرح الألفية للمرادي (٢/ ٤٤)، والتصريح (١/ ٣٠٤).
(٢) سورة يس: ٣٩.
(٣) الحرميان هما: نافع وابن كثير.
(٤) في الإتحاف (ص ٣٦٥): «واختلف في وَالْقَمَرَ، فنافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وروح:
بالرفع على الابتداء، وافقهم الحسن واليزيدي والباقون: بالنصب بإضمار فعل على الاشتغال». اه.
وينظر: إملاء ما منّ به الرحمن (٢/ ٢٠٣)، والحجة لابن خالويه (ص ٢٩٨)، والكشاف (٢/ ٢٥٢).
(٥) ينظر: الحجة لابن خالويه (ص ٣٣٨)، وإملاء ما منّ به الرحمن (٢/ ٢٥١).
(٦) سورة الرحمن: ٧.
(٧) ينظر: المحتسب لابن جني (٢/ ٣٠٢، ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>