للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خبر عن المبتدأ المقدم، والمعطوف على الخبر خبر، فيكون «عمرو أكرمته» خبرا عن «زيد» وهو جملة ولا ضمير فيها يربطها بالاسم الأول، وقد أجيب عن ذلك بأربعة أجوبة.

أما السيرافي فالتزم السؤال، وقال ما معناه: إن سيبويه لم يمثل بهذا المثال على أنه صحيح، بل ليريك صورة العطف في الجملة ذات الوجهين، واعتمد في المسألة على أنه: إن وجد باقي الشروط صحت المسألة، وإلا فلا (١)، وأما أبو علي فإنه أجاب عن ذلك بأن قال ما معناه: بأنه لما لم يظهر الرفع في الجملة التي هي خبر المبتدأ صارت؛ كأنها غير خبر، فجاز أن يعطف عليه ما لا يصح أن يكون خبرا ووافقه ابن جني على هذا الجواب، قالا: ونظيره الضمير في اسم الفاعل لما لم يظهر لم يعتد به، فثني الاسم وجمع، ولو ظهر لم يثن ولم يجمع (٢)، وأما ابن خروف فإنه أجاب عن ذلك بما معناه: أنه ليس المراد هنا العطف [٢/ ٢٨٩] الحقيقي الذي يوجب التشريك، بل المراد هنا إنما هو تراخي الجمل بدليل أن سيبويه - رحمه الله تعالى - ذكر من جملة مسائل الباب العطف بحتى، نحو قولك: القوم أكرمتهم حتى زيد أكرمته، قال: و «حتى» لا يعطف بها في الجمل، فعلمنا أن المراد: التراخي لا العطف التشريكي؛ فلا تحتاج حينئذ الجملة المعطوفة إلى ضمير (٣)، وأما الرماني فإنه أجاب عن ذلك بأن قال ما معناه: إن الجملة المعطوفة لا تحتاج هنا إلى ضمير؛ لأن العطف هنا إنما هو بالنظر إلى المعنى، وقولنا: زيد ضربته أولا، في معنى قولنا:

ضربت زيدا، فلم ينظر إلى كونها مبتدأ وخبرا في اللفظ؛ بل إلى المعنى، وكأنها -


(١) في شرح السيرافي للكتاب (٢/ ٤٩٩): «وقد أنكر الزيادي وغيره من النحويين هذا على سيبويه، فقالوا: إنا إذا قلنا: زيد لقيته وعمرو كلمته، لم يجز حمل «عمرو» على «لقيته»؛ وذلك أن «لقيته» جملة لها موضع. ألا ترى أنك تقول: زيد ملقي، وزيد قائم، فيقع موقعها اسم واحد وهي خبر لزيد، وكل شيء عطف عليها وقع موقعها صار خبرا لزيد، كما هي خبر له، «وعمرو كلمته» لا يجوز أن يكون خبرا لزيد» اه. وينظر (ص ٥٠٠، ٥٠١)، وقد ردّ ابن عصفور رأي السيرافي، ومن تبعه في هذه المسألة؛ حيث قال: «وهذا الذي ذهب إليه - أي: السيرافي - ليس بشيء؛ لأن القراء قد أجمعوا على نصب وَالسَّماءَ من قوله عز اسمه: وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ، مع أنه ليس في رَفَعَها ضمير يعود على النجم والشجر؛ فإجماعهم على النصب دليل على بطلان قول من قال: إن النصب في هذا، وأمثاله ضعيف» اه. شرح الجمل (١/ ٣٦٧)، وينظر: (ص ٣٦٨) أيضا.
(٢) ينظر: المحتسب (٢/ ٣٠٢، ٣٠٣).
(٣) ينظر: التصريح (١/ ٣٠٤، ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>