للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وتحرزت بقولي: انتصب عن تمام الكلام، من الفضلات المجرورة، نحو: مررت بزيد؛ لأن الباب موضوع للمفعول به المسرح، وتحرزت بقولي: يصلح وقوعها في جواب من قال .. إلى آخره، من سائر المفعولات، وهي المصدر، وظرف الزمان، وظرف المكان، والمفعول معه، والمفعول من أجله (١)، فإن جميع ذلك غير صالح لما ذكر، ومثال ما يصلح وقوعه في جواب من قال: بأي شيء وقع الفعل؟:

ضربت زيدا؛ فزيد يصلح وقوعه في جواب من قال: بأي شيء وقع الضرب؟.

ومثال ما لا يصلح لذلك؛ لكنه على طريقة ما يصلح ذلك فيه: ما ضربت زيدا؛ لأن زيدا لم يوقع به شيء؛ فلم يصلح جوابا، لكنه على طريقة ما يصلح ذلك فيه، وحده صاحب المفصل: بأنه الذي يقع عليه فعل الفاعل (٢)، وفسر الشراح الوقوع هنا بالتعلق المعنوي؛ فقالوا: المراد بالوقوع التعلّق المعنوي، لا الأمر الحسي (٣)؛ إذ ليس كل الأفعال المتعدية واقعة على مفعولها حسّا، كقولك:

علمت زيدا قائما؛ فإنه لم يقع في الحس على زيد شيء، إنما تعلق به؛ ولا شك أن الذي يقع عليه حسّا هو متعلق به معنى، فكان التعلق مطردا في القسمين.

قلت: يجب أن يكون المراد بالوقوع التعلّق؛ لأن زيدا من قولك: ما ضربت زيدا، لم يقع عليه شيء، لكنه تعلق به.

وحاصل الأمر: أن تعلق الفعل بالشيء قد يكون على طريق الثبوت، وقد يكون على طريق النفي، والظاهر: أنهم

إنما عدلوا في الحد عن لفظ التعلق إلى لفظ الوقوع؛ لموجب، وهو أنه لو قيل: المفعول به ما يتعلق به فعل الفاعل، لم يكن الحد مطردا، لدخول بقية المفاعيل فيه؛ إذ كل منها من متعلقاته فعدل إلى لفظ الوقوع ليخلص الحد لما هو المقصود، وفسر الوقوع بالتعلق كما عرفت، فكان في لفظ الوقوع إشعار بأنه إذا قيل: ضربت زيدا مثلا، كان تعلقه به من جهة وقوعه عليه، وإذا تقرر هذا فلنرجع إلى شرح كلام المصنف، فنقول أولا:

اعلم أن المفعول به هو الفارق بين المتعدي من الأفعال واللازم؛ فالمتعدي: هو الذي له متعلق تتوقف عقليته عليه، فما كان متعديا إلا باعتبار هذا التعلق، ولهذا -


(١) ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (١/ ١٦١) طبعة العراق.
(٢) المفصل للزمخشري (ص ٣٤).
(٣) ينظر: الهمع (١/ ١٦٥)، والمطالع السعيدة للسيوطي (ص ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>