للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما قول المصنف: (ولا يوقع فعل مضمر متصل على مفسّره الظاهر) فأشار به إلى أنه لا يقال: زيدا ضرب، على أن يكون المراد: زيدا ضرب نفسه، فيسند «ضرب» إلى ضمير يفسره لفظ «زيد»، ولفظ «زيد» منصوب به، فلا يجوز هذا؛ لأن جوازه يستلزم توقف مفهومية ما لا يستغنى عنه وهو الفاعل على مفهومية ما يستغنى عنه، وهو المفعول (١)، فلو كان الفاعل ضميرا منفصلا؛ جاز إيقاع فعله على مفسره الظاهر، نحو: ما ضرب زيدا إلا هو؛ لأن الضمير المنفصل فيما نحن بسبيله، مقدر قبله ظاهر مبدل منه الضمير، فتقدير ما ضرب زيدا إلا هو: ما ضرب زيدا أحد إلا هو، فقيام المنفصل [٢/ ٣٢٥] مقام الظاهر المقدر سهّل إيقاع فعله على مفسر الظاهر فحكم بالجواز، وقد يوقع فعل ضمير متصل على مضاف إلى مفسر الضمير، نحو: غلام هند ضربت، ففاعل «ضربت» ضمير «هند»، وجاز هذا؛ لأنه في تقدير: ضربت هند غلامها، ومثله قول الشاعر:

١٣٣٣ - أجل المرء يستحثّ ولا يد ... ري إذا يبتغي حصول الأماني (٢)

يريد المرء في وقت ابتغاء الأماني يستحث أجله ولا يشعر، وقد يوقع فعل ضمير متصل على موصول بفعل مسند إلى مفسر الضمير، نحو: ما أراد زيد أخذ، فـ «ما» في موضع نصب بـ «أخذ»، و «زيد» فاعل «أراد» وهما صلة لـ «ما» وفاعل «أخذ» ضمير «زيد»، وجاز هذا؛ لأن التقدير: أخذ زيد ما أراد، ومثله قول الشاعر:

١٣٣٤ - ما حبّت النّفس ممّا راق منظره ... رامت ولم ينهها بأس ولا حذر (٣)

-


(١) جعل أبو حيان المصنف تابعا في هذا التعليل للمبرد، فقال معقبا على كلام المصنف: «ولا خلاف أن هذا لا يجوز»، قال أبو العباس: «إنما لم يجز ذلك؛ لأنه يصير المفعول لا بد منه» اه. التذييل (٣/ ٩٢).
(٢) البيت من الخفيف لقائل مجهول، وهو في: شرح التسهيل للمصنف (٢/ ١٥٥)، وشرح التسهيل للمرادي (١/ ٥٧٨)، والبحر المحيط (٢/ ٤٢٧)، والتذييل (٣/ ٩٤).
اللغة: الحث: الإعجال في اتصال أو هو الاستعجال.
والشاهد قوله: «أجل المرء يستحث»؛ حيث إن قوله: «يستحث» به ضمير فاعل عائد على المرء الذي أضيف إليه المفعول وهو «أجل».
(٣) البيت من البسيط لقائل مجهول، وهو في شرح التسهيل للمصنف (٢/ ١٥٥)، والتذييل (٣/ ٩٤)، وشرح التسهيل للمرادي (١/ ٥٧٨)، وتعليق الفرائد للدماميني (ص ١٤٢٨).
والشاهد قوله: «ما حبّت النفس مما راق منظره رامت»؛ حيث إن «ما» مفعول بـ «رامت» «والنفس» فاعل بـ «حبّت»، وجملة «حبّت النفس» صلة لـ «ما» وفي «رامت»، ضمير يعود على «النفس»، والتقدير: رامت النفس ما حبّت.

<<  <  ج: ص:  >  >>