للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وليس هذا من باب التنازع؛ إذ لو كان منه لكان أحد الفعلين بتاء؛ لأن فاعله على ذلك التقدير ضمير مؤنث؛ وإنما يحمل على أنه أراد: وهل يرجع التسليم ما أشاهد واستغنى بالإشارة، كما قالوا: إذا كان غدا فأتني، أي: إذا كان ما نحن عليه فأتني (١)، ثم أبدل ثلاث الأثافي من الضمير المنوي. انتهى كلام المصنف (٢).

وأما ما يشار إليه وينبه عليه فأمور:

الأول: أن كلام المصنف في ترجمة الباب وما افتتح الباب به اشتمل على ضوابطه التي ذكرها غيره، فمنها: أن العوامل المتنازعة يجوز أن تزيد على اثنين، كما سيأتي شواهد ذلك؛ لكنهم ذكروا أنه لم يرد في كلام العرب أكثر من ثلاثة (٣).

ومنها: أن المعمول المتنازع فيه يجب أن يكون واحدا، ومن الناس من لم يصرح بوجوب الوحدة؛ فكان كلامه محتملا، ومنهم من صرح؛ بأن المعمول يجوز أن يزيد على واحد؛ ولذا قال ابن عصفور لما ذكر التنازع، هو أن يجتمع عاملان فصاعدا (٤)، ويتأخر عنهما معمول فصاعدا، وقرر الشيخ بهاء الدين بن النحاس كلامه، ومثل له بنحو: ظننت وعلمت زيدا منطلقا، حتى جعل الشيخ أثير الدين المسألة خلافية، فقال:

إن المصنف ذكر المجمع عليه في قوله في الترجمة: معمولا واحدا، وذكر [٢/ ٣٣٩] المختلف فيه في آخر الباب (٥)، يعني به قوله: ولا يمنع التنازع تعدّ إلى أكثر من واحد، والذي يظهر أن المعمول إنما يكون واحدا، وهو في قولنا: متى رأيت أو قلت زيدا منطلقا، واحد لا متعدد؛ لأن المراد بتوحد المعمول: أن يكون معمول أحد العاملين هو المذكور دون معمول العامل الآخر، سواء أكان ذلك المعمول في نفسه واحدا أو أكثر، وليس المراد توحده في نفسه؛ بأن يكون واحدا فقط، هكذا فهم من قوة كلامهم مع مساعدة المعنى.

ومنها: أن العوامل كما تكون أفعالا تكون غير أفعال كالأسماء العاملة عمل الفعل لا كالحروف؛ فإنهم نصوا على أن لا مدخل لها في هذا الباب (٦)، وقد -


- بـ «أو» ولذلك لم يجعل ابن مالك مثل هذا من التنازع؛ لأنه لا يجوز أن يشترك العاملان هنا في العمل.
(١) ينظر: الكتاب (١/ ٢٢٤).
(٢) ينظر: شرح التسهيل للمصنف (٢/ ٨٦٧).
(٣) ينظر: التذييل (٣/ ١١٥)، وشرح الألفية للمرادي (٢/ ٥٩).
(٤) المقرب (١/ ٢٥٠)، وشرح الجمل لابن عصفور (١/ ٦١٣) طبعة العراق.
(٥) ينظر: التذييل (٣/ ١١٥).
(٦) ينظر: شرح الجمل لابن الصائغ (٢/ ٢٢٥)، وشرح الألفية للمرادي (٢/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>