للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وفي البيت الثالث: الفعل الثاني علة للأول، وفي البيت الرابع: ما قيل في البيت الثاني، وفي البيت الخامس الفعل الواحد صلة لسبب الفعل الآخر؛ فالاشتراك بين العاملين حاصل، وذلك هو مقصود ابن عصفور رحمه الله تعالى.

ثم قال الشيخ: وذهب بعضهم إلى أن البيت من الإعمال على تقدير أن يكون «لم أطلب» معطوفا على «كفاني»؛ وأنه يصح أن يكون جوابا لـ «لو» لو أفرد دون كفاني، ويكون التقدير: لو سعيت لأدنى معيشة، لم أطلب قليلا من المال؛ لأن قليل المال يمكنني دون طلب (١)، قال: وهذا معنى حسن سائغ يصح معه الإعمال، ثم قال وعلى هذا المعنى يكون أيضا الإعمال جائزا على وجه آخر، وهو أن تكون الواو في «ولم أطلب» واو الحال، ويكون التقدير: لو كان سعيي، لأدنى معيشة كفاني قليل من المال غير طالب له لحصوله عندي (٢). انتهى.

وأقول: أما التخريج الأول: فلم أتحققه، ولم أفهم قوله: إنّ لم أطلب يكون جوابا لـ «لو»، لو أفرد دون كفاني، ثم لازم قوله أن يكون ما سعى لأدنى معيشة؛ وأنه يطلب القليل لما عرفت أن المثبت بعد «لو» منفي، والمنفي مثبت.

وأما التخريج الثاني: فقد قال ابن خروف: إن الحال فاسدة، ووجه الشيخ جمال الدين بن عمرون فساد الحال؛ بأن قال: إنما كانت فاسدة؛ لأنها تكون مقيّدة للكفاية؛ لأن المعمول يقيد العامل، يعني أن «لم أطلب» حينئذ يكون حالا من فاعل كفاني أو من مفعوله، والعامل [٢/ ٣٤٣] في الحال، هو العامل في صاحب الحال؛ فيكون كفاني عاملا في لم أطلب مقيدا للكفاية، قال ابن عمرون: ولا يلزم من انتفاء المقيد انتفاء المطلق، فلا يعطي حينئذ مراد الشاعر من حيث يصير المعنى: أنه لو سعى لأدنى معيشة لكفاه القليل مقيدا بعدم الطلب، وليس مراده؛ بل مراده أنه لو سعى لأدنى معيشة لكفاه القليل، سواء أطلبه أم ترك طلبه، قال ابن عمرون:

وهذا يحتمل أن يكون سر قول سيبويه: لو نصب لفسد المعنى (٣).

قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس رحمه الله تعالى (٤): فإن قيل: فلم ذكر أبو علي -


(١) التذييل (٣/ ١٦٧).
(٢) التذييل (٣/ ١٦٨).
(٣) الكتاب (١/ ٧٩).
(٤) انظر: التعليقة لبهاء الدين بن النحاس ورقة (١١٣، ١١٤) مخطوط بمكتبة الأزهر رواق المغاربة (٤٩٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>