للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والمبرد هذا البيت في باب التنازع؟ فالجواب: ما ذكره المازني رحمه الله تعالى وهو:

أنه لو لم يكن إعمال الأول جائزا، لما وضع هذا في هذا الموضع، بيان هذا الكلام يعني: أنك إذا أعملت الأول في باب التنازع، تكون قد فصلت بين الأول ومعموله بجملة كما فصلت هنا بين «كفاني» وبين «قليل» الذي هو معمول بـ «لم أطلب»، وهو جملة حملا على باب التنازع، وقال ابن عصفور: فإن قيل: فكيف جابه الفارسي على الإعمال؟ فالجواب: أنه أراد بقوله: من الإعمال؛ أنه يشبه الإعمال؛ لتداخل الجملتين بالعطف، ونظير هذا ما أنشده في التذكرة على أنه من شبه الإعمال:

١٣٦٣ - وإنّي وإن صدّت لمثن وقائل ... عليها بما كانت إلينا أزالّت

فما أنا بالدّاعي لعزّة بالرّدى ... ولا شامت إن نعل عزّة زلّت (١)

لأنه لما عطف فعل بين العامل ومعموله؛ وذلك أن معمول «مثن» إنما هو «عليها» وقد فصل بينهما بقوله: «وقائل» ومعمول «قائل» إنما هو:

فما أنا بالدّاعي لعزّة بالرّدى

وفصل بينهما بمعمول «مثن»؛ فإذا قد جعل هذا بشبه الإعمال لتداخل الجملتين بالعطف حتى يسوغ ذلك الفصل، فكذلك يكون مذهبه في بيت امرئ القيس.

هذا كلامه في شرح الجمل (٢)، إلا أنه قال بعد ذلك: فإن قيل: إذا لم يكن من الإعمال، فكيف أجزتم الفصل بجملة أجنبية؟ فالجواب: أنها غير أجنبية، لأنا إنما جعلنا معمول «لم أطلب» «الملك»، وإذا كان كذلك كانت مشتركة؛ لأنها في معنى «كفاني القليل»، ألا ترى أن «لم أطلب الملك» يكون جوابا لـ «لو» وما ذاك إلا لأن المعنى واحد (٣). انتهى.

وظاهر قوله في الجواب: إن «لم أطلب الملك» يكون جوابا لـ «لو»، لأن «لم أطلب الملك» في معنى كفاني القليل،

يقتضي أن طلبه للملك منتف، كما أن كفاية القليل منتفية أيضا، وليس كذلك؛ لأن طلبه للملك ثابت لوقوعه منفيّا في -


(١) البيتان لكثير عزة، وهما من الطويل، وهما في: الجمل لابن عصفور (١/ ٦٢٤) طبعة العراق، والأمالي لأبي علي القالي (٢/ ١٠٩)، والتذييل (٣/ ٦٥)، وديوانه (ص ١٠١)، وشرح الصفار للكتاب (ق ٩٣ / أ).
(٢) شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٦٢٣، ٦٢٤) طبعة العراق.
(٣) شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٦٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>