للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وفي لزوم إعمال الأقرب إذا كان ثالثا دلالة بالغة على رجحان إعماله إذا كان ثانيا، ومما يدل [٢/ ٣٤٦] على رجحان إعمال الثاني أنه مخلص من ثلاثة أشياء منفرة يستلزمها إعمال الأول:

أحدها: كثرة الضمائر كما رأيت في مسألة «كما صليت، ورحمتهم، وباركت عليهم».

الثاني: توالي حروف الجر، نحو: تنبّئت كما تنبّئت عنه به عن زيد بخير.

الثالث: الفصل بين العامل، والمعمول، والعطف على العامل قبل ذكر معموله، ومما يدل على رجحان إعمال الثاني؛ أنه موافق لما تؤثره العرب من التعليق بالأقرب والحمل عليه؛ وإن لزم من ذلك تفضيل زائد على غير زائد،

نحو: خشنت بصدره وصدر زيد، ففضلوا إجراء المعطوف حملا على الباء لقربها؛ وإن كانت زائدة على نصبه حملا على عمل «خشنت» لبعده؛ وإن لم يكن زائدا، ومما يدل على رجحان إعمال الثاني؛ أن فيه تخلصا من الإعلال بحق ذي حق؛ وذلك أن لكل واحد من العاملين قسطا من عناية المتكلم، فإذا قدم أحدهما، وأعمل الآخر عدل بينهما؛ لأن التقديم اعتناء، والإعمال اعتناء، وإذا أعمل المتقدم لم يبق للمؤخر قسط من العناية، فكان المخلص من ذلك راجحا (١)، ورجح بعض الناس إعمال السابق بثلاثة أشياء (٢):

أحدها: أن ترجيحه موافق لما أجمعت العرب عليه من مراعاة السابق في قولهم:

ثلاث من البط ذكور، وثلاثة ذكور من البط، فآثروا مقتضى البط لسبقه، فأسقطوا التاء، وأثروا مقتضى الذكور لسبقه فأثبتوا التاء (٣).

الثاني: أن إعمال السابق مخلص من تقديم ضمير على مفسر مؤخر لفظا ونية في، نحو: ضربوني، وضربت قومك.

الثالث: أن إعمال السابق موافق لما أجمع عليه في اجتماع القسم والشرط، فإن جواب السابق منهما مغن عن جواب الثاني، فليكن عمل السابق من المتنازعين مغنيا عن عمل الثاني (٤). -


(١) ينظر: التذييل (٣/ ١٢٨، ١٢٩).
(٢) شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ١٦٩).
(٣) ينظر: التذييل (٣/ ١٢٩).
(٤) ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٦١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>