للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والجواب عن الأول: أن يقال: لم يعتبر في ترجيح ثاني المتنازعين كونه ثانيا؛ بل كونه قريبا من محل التأثير، ومسألة العدد المذكورة معتبر فيها أيضا القرب، واتفق مع القرب سبق فلا أثر له، ولا يلزم من مراعاة سابق قريب، مراعاة سابق بعيد.

وعن الثاني: بأن تقديم الضمير، إذا كان على شريطة التفسير مجمع على جوازه في باب «نعم»، كقول الشاعر (١):

١٣٧٠ - نعم امرأ هرم لم تعر نائبة ... إلّا وكان لمرتاع بها وزرا (٢)

وفي باب «ربّ»، كقول الآخر:

١٣٧١ - واه رأيت وشيكا صدع أعظمه ... وربّه عطبا انقذت من عطبه (٣)

وفي باب البدل، كقول بعض العرب: اللهم صلّ عليه الرؤوف الرحيم، وفي باب الابتداء، وأبواب نواسخه، نحو: قُلْ هُوَ اللَّهُ (٤)، إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ (٥)؛ فلجوازه في باب التنازع أسوة بتلك المواضع قياسا، لو لم يثبت به سماع، فكيف وقد سمع في الكلام الفصيح، كقول الشاعر: -


(١) لم أهتد إليه، ولم ينسبه أحد؛ ولكن جاء في التذييل (٢/ ١٣٠) هامش (١)؛ أن ظاهر البيت يوحي بأنه لزهير بن أبي سلمى، حيث ذكر اسم «هرم»؛ ولكنه ليس في ديوانه.
(٢) البيت من البسيط، وهو في: التذييل (٣/ ١٣٠، ١٣١)، والارتشاف (ص ٣١٨)، والتصريح (١/ ٣٩٢)، (٢/ ٩٥)، وشذور الذهب (ص ١٩٦)، والأشموني (٣/ ٣٢).
اللغة: لم تعر: لم تعرض. الوزر: الملجأ.
والشاهد فيه: أن فاعل نعم ضمير يفسره التمييز بعده على رأي الجمهور، وعلى ذلك فقد عاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة وهو التمييز ولكن هذا الموضع من المواضع التي يغتفر فيها عود الضمير على المتأخر.
(٣) البيت من البسيط لقائل مجهول، وهو في: التذييل (٣/ ١٣٠)، والعيني (٣/ ٢٥٧)، والأشموني (٢/ ٢٠٨)، والهمع (١/ ٦٦)، واللسان «ريب» برواية:
كائن رأيت وها يا صدع أعظمه ... وربه عطبا أنقذت م العطب
اللغة: واه: أي: رب واه، وهو من «وهى الحائط» إذا هم بالسقوط. رأيت: أصلحت. وشيكا:
سريعا، وهو صفة لمصدر محذوف، والتقدير: رأيا وشيكا. والصدع: الشق. العطب: الفساد.
والشاهد قوله: «ربه عطبا»؛ حيت جرت «رب» ضميرا مفسرا بالتمييز بعده.
(٤) سورة الإخلاص: ١.
(٥) سورة طه: ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>