للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد يجوز حذف المعمول إذا لم يكن مرفوعا في ضرورة كقوله:

١٣٧٩ - بعكاظ يعشي النّاظري ... ن إذا هم لمحوا شعاعه (١)

فـ «شعاعه» فاعل «يعشي»، ومفعول «لمحوا» محذوف، تقديره: إذا هم لمحوه، ولو أعملت الثاني؛ فلا يخلو الأول

من أن يحتاج إلى مرفوع، أو منصوب، أو مخفوض. فإن احتاج إلى غير مرفوع، فلا يخلو أن يكون مما يجوز حذفه اقتصارا، أو لا يكون؛ فإن كان مما يجوز حذفه حذفته؛ وذلك نحو: ضربت وضربني زيد، ولا يجوز إضماره قبل الذكر، فنقول: ضربته وضربني زيد إلا في ضرورة شعر؛ وذلك نحو قول الشاعر:

١٣٨٠ - علّموني كيف أبكيهم إذا خفّ القطين (٢)

فأعمل في «القطين» «خف» وأضمر لـ «أبكي» مفعوله قبل الذكر، وقد كان يجوز له حذفه، وكذلك قول الآخر:

١٣٨١ - ألا هل أتاها على نأيها ... بما فضحت قومها غامد (٣)

فأضمر لـ «أتى» مفعولا قبل الذكر؛ وإن كان المنصوب لا يجوز حذفه اقتصارا؛ وذلك كأحد مفعولي ظننت وبابه؛ ففيه للنحويين ثلاثة مذاهب:

منهم؛ من قال: أضمره قبل الذكر.

ومنهم؛ من قال: أؤخره وأفرق بينه، وبين الفاعل في ذلك؛ فإن الفاعل إذا أضمر كان مع الفعل كالشيء الواحد؛ ولذلك يسكن له آخر الفعل، فلم يجز تأخيره لذلك؛ لئلا يفصل بينه وبين ما يعمل فيه بجملة أجنبية، وهو العامل الثاني، وأما المفعول فجاز تأخيره؛ لأنه مع الفعل ليس كالشيء الواحد.

ومنهم؛ من ذهب إلى أنه يحذف؛ إذ الحذف في هذا الباب، إنما هو حذف اختصار لا حذف اقتصار [٢/ ٣٥٠]؛ لأنه حذف لفهم المعنى، وحذف الاختصار في باب ظننت جائز (٤)، قال ابن عصفور: وهذا أصح المذاهب؛ إذ الإضمار قبل الذكر، والفصل بين العامل والمعمول لم تدع إليهما ضرورة، وذلك نحو: ظنني وظننت زيدا قائما، وتقول -


(١) و (٢) و (٣) تقدم ذكرها.
(٤) ما ذكره ناظر الجيش من أول قوله: (والذي ذكره الجماعة أن قالوا) إلى هنا، هو نص ابن عصفور في شرح الجمل (١/ ٦١٦، ٦١٧)، ما عدا البيت الثاني الذي أوله: ألا هل أتاها على نأيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>