للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أشرت بقولي: ولا يحتاج غالبا إلى تأخيره إلا في باب ظن، وإلغاء العامل الأول، وهو مقتض للرفع، كقولك: ضربوني وضربت قومك، فهذا الاستعمال جائز في مذهب البصريين ممتنع في مذهب الكوفيين وتصحيحه عند

الفراء بتأخر الضمير منفصلا، كقولك: ضربني وضربت قومك هم (١)، وتصحيحه عند الكسائي بالحذف، كقولك: ضربني وضربت قومك، وربما استدل بقول الشاعر:

١٣٩١ - تعفّق بالأرطى لها وأرادها ... رجال فبذّت نبلهم وكليب (٢)

ولا دلالة فيه لإمكان جعله من باب إفراد ضمير الجماعة مؤوّلة بمفرد اللفظ مجموع المعنى (٣)، قال سيبويه: فإن قلت: ضربني وضربت قومك، فجائز وهو قبيح أن تجعل اللفظ كالواحد، كما تقول هو أجمل الفتيان، وأحسنه وأكرم بنيه وأنبله ثم قال: كأنك قلت: ضربني من ثمّ، وضربت قومك (٤)، هذا آخر كلام المصنف رحمه الله تعالى، وفيه من المخالفة لكلام الجماعة، والزيادة على ما ذكروه ما أشير إليه.

فالأول: أنك إذا أعملت الثاني، وكان العامل الأول من غير باب ظن، وطلب المعمول منصوبا، أو مجرورا؛ فإن الجماعة يوجبون الحذف، ولا يثبتون الضمير إلا في الضرورة، والمصنف يجيز ذكره من غير تقييد بضرورة؛ لكنه يعترف بقلة ذلك.

والثاني: أنك إذا أعملت الأول، وكان العامل الثاني من غير باب ظن أيضا؛ فإن الجماعة يوجبون ذكر الضمير، ولا يجيزون الحذف إلا في الضرورة، والمصنف يجيز الحذف من غير تقييد بضرورة أيضا، كما في المسألة الأولى؛ ولكنه يعترف بقلة ذلك أيضا (٥)، وإنما أوجب المصنف الذكر، ومنع الحذف في صورة خاصة، وهي: نحو مال عني وملت إليه زيد؛ لأنه لو حذف هاهنا لم يعلم المراد، فكان -


(١) ينظر: الأشموني (٢/ ١٠٢، ١٠٣)، والتصريح (١/ ٣٢١)، والتذييل (٣/ ١٥٧).
(٢) تقدم ذكره.
(٣) ينظر: المقرب (١/ ٢٥١).
(٤) الكتاب (١/ ٧٩، ٨٠).
(٥) في شرح الألفية للمرادي (٢/ ٧٠، ٧١): «إذا أهمل الأول فإما أن يطلب مرفوعا أو منصوبا؛ إن طلب مرفوعا أضمر فيه خلافا للكوفيين، كما سبق؛ وإن طلب منصوبا فإما أن يكون فضلة أو غير فضلة. فإن كان فضلة وجب حذفه عند الجمهور؛ لأنه مستغنى عنه، فلا حاجة لإضماره قبل الذكر، ولم يوجب في التسهيل حذفه بل جعله أولى».

<<  <  ج: ص:  >  >>