للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيد ضربا صدق على «ضربا» أنه دال على معنى صادر عن فاعل، وكذا إذا قيل:

فهمت المسألة فهما، صدق أن «فهما» دال على معنى قائم بفاعل، إلا أن تريد أن ذلك الفاعل يكون مذكورا، وأن المفعول يكون مذكورا أيضا كما يشعر بذلك قوله:

والمراد بالفاعل هنا الاصطلاحي، وكذلك المفعول، فربما يحتاج إلى ذكر ذلك.

ثم قال المصنف (١): واتفق البصريون والكوفيون على أن الفعل والمصدر مشتق أحدهما من الآخر، لكن البصريين جعلوا الأصالة للمصدر، وجعلها الكوفيون للفعل، والصحيح مذهب البصريين (٢)، ويدل على صحته ستة أمور:

أحدها: أن المصدر يكثر كونه واحدا لأفعال ثلاثة: ماض ومضارع وأمر، فلو اشتق المصدر من الفعل لم يخل من أن يشتق من الثلاثة أو من بعضها؛ فاشتقاقه من الثلاثة محال، واشتقاقه من واحد منها يستلزم ترجيحا دون مرجح، فتعين اطّراح ما أفضى إلى ذلك.

الثاني: أن المصدر معناه مفرد، ومعنى الفعل مركب من حدث وزمان، والمفرد سابق المركب، فالدال عليه أولى بالأصالة.

الثالث: أن مفهوم المصدر عام ومفهوم الفعل خاص، والدال على عام أولى بالأصالة من الدال على خاص.

الرابع: أن كل ما سوى الفعل والمصدر من شيئين: أحدهما أصل والآخر فرع؛ فإن في الفرع منهما معنى الأصل وزيادة كالتثنية والجمع بالنسبة إلى الواحد، وكالعدد المعدول بالنسبة إلى المعدول عنه، والفعل فيه معنى المصدر وزيادة تعين الزمان، فكان فرعا والمصدر أصل.

الخامس: أن من المصادر ما لا فعل له لفظا ولا تقديرا، وذلك نحو: ويح وويل، وويش وويب. فلو كان الفعل أصلا لكانت هذه المصادر فروعا لا أصول لها، وذلك محال، وإنما قلنا: إن هذه المصادر لا أفعال لها تقديرا؛ لأنها لو صيغ من بعضها فعل لاستحق فاؤه في المضارع من الحذف ما يستحق فاء «يعد» -


(١) شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ١٧٨).
(٢) ينظر: الإنصاف في مسائل الخلاف (١/ ٢٣٥) وما بعدها، وشرح المفصل لابن يعيش (١/ ١١٠)، وشرح الألفية للمرادي (٢/ ٧٦)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ١٠٢)، واللمع لابن جني (ص ١٣١)، والمباحث الكاملية (ص ٦٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>