للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولاستحق عينه من السكون ما استحق عين «تبيع» فيتوالى إعلال الفاء والعين، وذلك مرفوض في كلامهم، فوجب إهمال ما يؤدي إليه، وليس في الأفعال ما لا مصدر له مستعمل إلا وتقديره ممكن كتبارك وفعل التعجب، إذ لا مانع في اللفظ، ويقابل تلك الأفعال مصادر كثيرة تزيد على الأفعال كالأبوة [٢/ ٣٦١] والبنوة والخؤولة والعمومة والعبودية واللصوصية وقعدك الله، وبله زيد وبهله، فبطلت المعارضة بتبارك ونحوه، وخلص الاستدلال بويح وأخواته، ولا حجة للكوفيين في أن المصدر يتبع الفعل في صحته وإعلاله نحو: لاوذ لواذا، ولاذ لياذا؛ لأن الشيئين قد يحمل أحدهما على الآخر وليس أحدهما أصلا للآخر كحمل يرضيان على رضيا، وأعطيا على يعطيان.

والأصل: يرضوان وأعطوا؛ لأنّ حكم الواو بين فتحة وألف التصحيح؛ لكن حمل ذو الفتحة على ذي الكسرة ليجريا على سنن واحد، فكذلك فعل بالمصدرين من لاوذ ولاذ، ولا حجة أيضا في توكيد الفعل بالمصدر؛ لأن الشيء قد يؤكد بنفسه نحو:

زيد قام قام. فلو دل التوكيد على فرعية المؤكّد لزم كون الشيء فرع نفسه، وذلك محال، ولا حجة أيضا في إعمال الفعل في المصدر؛ لأن الحرف يعمل في الاسم والفعل ولا حظ له في الأصالة، وببعض ما استدللنا على فرعية الفعل بالنسبة إلى المصدر يستدل على فرعية الصفة بالنسبة إليه، لأن كل صفة تضمنت حروف الفعل فيها ما في المصدر من الدلالة على الحدث، وتزيد بالدلالة على ما هي له كما زاد الفعل بالدلالة على الزمان المعين؛ فيجب كون الصفة مشتقة من المصدر لا من الفعل، إذ ليس فيها ما في الفعل من الدلالة على الزمان المعين (١). انتهى كلام المصنف (٢).

وذكر الشيخ أن ابن طلحة ذهب إلى أن المصدر والفعل كل منهما أصل، وليس أحدهما مشتقّا من الآخر، وكأن ابن طلحة (٣) نزع في هذه المسألة إلى مذهب من -


(١) ينظر في هذه الأدلة التي استدل بها المصنف على صحة مذهب البصريين: الإنصاف (١/ ٢٣٥ - ٢٤١)، والهمع (١/ ١٨٦) وشرح الألفية لابن الناظم (ص ١٠٢، ١٠٣)، والأشموني (٢/ ١١٢)، والتذييل (٣/ ١٧٥) وشرح المفصل.
(٢) شرح التسهيل لابن مالك (١/ ١٨٠).
(٣) هو محمد بن طلحة بن محمد بن عبد الملك بن خلف بن أحمد الأموي الإشبيلى، أبو بكر المعروف بابن طلحة، كان إماما في صناعة العربية نظارا عارفا بعلم الكلام وغير ذلك، تأدب بالأستاذ أبي إسحاق بن ملكون، وزعيم وقته بإقراء الكتاب جابر بن محمد بن ناصر الحضرمي،
وأبي بكر بن صاف، وأخذ عنه القراءات، وأجاز له هو وأبو بكر بن مالك الشريش وجماعة.
توفي سنة ٦١٨ هـ، بغية الوعاة (١/ ١٢١، ١٢٢) تحقيق محمد أبو الفضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>