للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والدليل على وجود فعل الحال أمران:

أحدهما: أنهم يقولون: نفعل الآن، في فصيح الكلام، ولا يقولون:

سنفعل الآن، إلا قليلا على طريق المجاز، وتقريب المستقبل من الحال، نحو قول الشاعر:

١٢ - فإنّي غير خاذلكم ولكن ... سأسعى الآن إذ بلغت إناها (١)

فلو كان نفعل للمستقبل، لما صلح معه الآن، كما لا يصلح ذلك مع سنفعل.

الآخر: قول الشاعر:

١٣ - وأعلم علم اليوم والأمس قبله ... ولكنّني عن علم ما في غد عم (٢)

-


(١) البيت من بحر الوافر من مقطوعة صغيرة، عدتها ثلاثة أبيات، وجدتها في ديوان عنترة بن شداد (ص ٢٠٤).
اللغة: إناها: بكسر الهمزة منتهاها.
والاستشهاد بالبيت: على أن الشاعر جمع بين السين التي تجعل الفعل مستقبلا وبين لفظ الآن الذي للحال، وذلك قليل من باب المجاز وتقريب المستقبل من الحال.
والبيت ليس في معجم الشواهد، وهو في التذييل والتكميل (١/ ٨٢) وهذا البيت من الأبيات التي اكتشفت قائلها.
ترجمة عنترة: هو عنترة بن عمرو بن شداد العبسي صاحب عبلة التي ألهبت حماسه في القتال، ولسانه في الشعر، كان ابن أمة سوداء، وأنكره أبوه صغيرا، ولما وجد شجاعته نسبه إليه وأعتقه، كان عنترة أشجع أهل زمانه وأجودهم بما ملكت يده، وقد شهد حرب داحس والغبراء، وحمدت مشاهده فيها، وله معلقة مشهورة سماها النقاد بالمذهبة وهي جيدة، وانظر ترجمته في الشعر والشعراء (١/ ٢٥٦)، خزانة الأدب (١/ ١٢٨).
(٢) البيت من بحر الطويل لزهير بن أبي سلمى من معلقته المشهورة التي تمتلئ بالحكم والمواعظ وتصور عادات العرب في الجاهلية وحروبهم والسّلام والصلح بينهم، وهي في ديوان زهير (ص ٤).
والشاهد في البيت: أن الظروف المذكورة فيه ليست على حقيقتها، وإنما هي كناية عن الأزمنة الثلاثة.
والبيت ليس في التذييل والتكميل، وهو في معجم الشواهد (ص ٣٦١).
ترجمة زهير بن أبي سلمى: هو زهير بن ربيعة بن قرط المزني، من الشعراء المتقدمين في الجاهلية ولم يدرك الإسلام، وإنما أدركه ولداه كعب وبجير وأسلما. كان جيدا في شعره حتى كانت قصائده تسمى الحوليات لاعتنائه بها، وأجود شعره ما قاله في هرم بن سنان، أعجب عمر بن الخطاب بشعره، قال لأنه: كان لا يتبع حوشي الكلام ولا يمدح الرجل إلا بما هو فيه. وأعجب عمر بشعره في هرم بن سنان، فقال له أحد أولاده: إنا كنا نعطيه فنجزل، فقال له عمر: ذهب ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم.
انظر ترجمته وأخباره في الشعر والشعراء (١/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>