للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وتضميرك من قول رؤبة:

١٤٢١ - لوّحها من بعد بدن وسنق ... تضميرك السّابق يطوى للسّبق (١)

منصوبة بأفعال مضمرة لما لم يكن من الأفعال التي قبلها.

قال: والصحيح عندي أن مذهبه [٢/ ٣٦٧] ما ذكرته قبل من أن المصدر إذا جاء بعد فعل من معناه انتصب به، وإن لم يكن من لفظه، بدليل ما ذكرته من أنه جعل القهقرى من رجع زيد القهقرى منصوبا برجع لما كان ضربا من الرجوع، وأما دأب بكار، وطي المحمل، وتضميرك السابق، فلم يجئ شيء منها بعد فعل من معناه، إذ ليس الدأب سقوط البصر، ولا ضربا منه، والطي ليس المس ولا ضربا منه، والتضمير ليس التلويح ولا ضربا منه، وإنما هو شيء يلزم عنه التلويح، والتلويح هو التغيير، يقال: لوّحته الشمس إذا غيرته، والتضمير هو رد القوس إلى القوت بعد السمن، وذلك شيء يلزم منه التغيير، فلذلك جعلها سيبويه منصوبة بأفعال مضمرة يفسرها الكلام الذي قبلها، ومن هذا القبيل قولهم: تبسّمت وميض البرق؛ لأن التبسم ليس الوميض في المعنى، وإنما هو مشبه به، قال: وقد يجوز عندي أن يكون (دأب بكار) منصوبا (بسقطت) وتضميرك منصوبا (بلوّحها) ووميض البرق منصوبا بتبسمت على أن يكون التقدير: سقطت أبصارها سقوطا مثل دأب بكار، ولوحها تلويحا مثل تضميرك السابق، وتبسمت تبسّما مثل وميض البرق، فحذف المصدر وأقيمت صفته مقامه (٢). انتهى.

وقد تقدم من كلام المصنف أن معنى (لوحها) ضمرها، وهذا مخالف لما قاله ابن عصفور، ثم قال: والصحيح عندي في المصدر المنصوب بعد فعل ليس من لفظه، بل من معناه أنه يجوز أن يكون منصوبا بذلك الفعل الظاهر، بالدليل الذي -


- والخصائص (٢/ ٣٠٩)، والإنصاف (١/ ٢٣٠)، والارتشاف (ص ٥٤٩)، والتذييل (٣/ ٢٤٦)، والعيني (٣/ ٥٤)، والتصريح (١/ ٣٣٤)، وديوان الحماسة (١/ ٢١)، وشرح الحماسة للمرزوقي (٩٠)، والأشموني (٢/ ١٢١)، وديوان الهذليين (٢/ ٩٣).
والشاهد في البيت: نصب (طي المحمل) بإضمار فعل دل عليه قوله:
(ما إن يمس الأرض إلا منكب منه وحرف الساق) لأن هذا يدل على أنه طوى طيّا.
(١) تقدم ذكره.
(٢) ينظر: شرح السيرافي للكتاب (٣/ ١٤٣ - ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>