للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إذا عطفت (تبّا) على قولك: ويح له، جاز رفعه فتقول: ويح له وتب (١)، وهذا مخالف لما قاله ابن أبي الربيع وغيره، وذكر عن المازني أنه يمنع هذا العطف، ويقول: كيف يتصور أن يكون مدعوّا له وعليه في خبر واحد، وذلك أن معنى «تبّا له» خسران له، ومعنى «ويح له»: رحمة له، وخرج الناس هذا على وجهين:

أحدهما: أن قولك: ويح له ليس بدعاء كما في: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * (٢).

فمعنى تبّا له وويح له خسران له، وهو لكونه ذا خسران يجب أن يقال فيه: رحمة له.

الثاني: أن يكون تبّا له دعاء له على حد: قاتله الله ما أشعره!

ويذكر عن الجرمي منع هذا الباب جملة، قال: لأنه يؤدي إلى أن يرفع ما شأنه النصب، وينصب ما شأنه الرفع (٣).

وبعد؛ فلم يتحرر لي الكلام في صور هذا الفصل وأطلت النظر في شرح الشيخ، فلم ينضبط لي ما قاله؛ لعدم تطابق منقولاته عن النحاة.

المبحث الثالث:

هذه المصادر إذا عرفت باللام فالنصب فيها جائز كما كان، لكن الرفع حينئذ أحسن من النصب؛ ولهذا كان الجمهور على قراءة الحمد لله رب العالمين (٤) بالرفع (٥).

قال سيبويه: وإنما استحبّوا الرفع؛ لأنه صار معرفة، وهو خبر، فقوي في الابتداء بمنزلة عبد الله والرجل، وهو في رفعه بمنزلة رفع العمدة من معنى الفعل، وما بعده خبر (٦). انتهى.

والحكم في المصدر المفرد من اللام بالعكس، فالنصب فيه الوجه، ولا يقال الرفع إلا سماعا كقول الشاعر:

١٤٦١ - عجب لتلك قضيّة وإقامتي ... فيكم على تلك القضيّة أعجب (٧)

-


(١) من (ب): (وتب له)، وينظر: التذييل (٣/ ٢٠٣).
(٢) سورة المرسلات: ١٥ وغيرها، وسورة المطففين: ١٠.
(٣) التذييل (٣/ ٢٠٠، ٢٠١)، وينظر: الهمع (١/ ١٨٩).
(٤) سورة الفاتحة: ٢.
(٥) ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (١/ ٧)، ومعاني القرآن للفراء (١/ ٣).
(٦) الكتاب (١/ ٣٢٨).
(٧) تقدم ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>