للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النهي لا يكون في الناقصة، كما لا يكون الأمر وقد حمل على الناقصة وهو للمبرد (١) فيكون مني متعلّقا بمحذوف هو الخبر لها على معنى لا يكونن منسوبا إلى إلا بالمجانبة (٢). انتهى، وقول هذا القائل: إن النهي لا يكون في الناقصة كما لا يكون الأمر - كلام عجيب، وما المانع أن تقول لمخاطبك: لا تكن ظالما، ولا تكن جاهلا،

وكن عالما، وكن عادلا، وقد قال الله تعالى: قُلْ كُونُوا حِجارَةً (٣) وفي الشرح المذكور أيضا: وأما حجرا فكأنه من الحجر، وهو المنع فاستعمل مكسورا، كاستعمال العمر في القسم مفتوحا وهو من العمر، وقيل: هو الاسم واقع موقع المصدر، فيكون على فعل من لفظه، كأنه قال: أحجر حجرا، أي أمنعه عن نفسي وأبعده وأبرأ منه، ويقول الرجل للرجل: أتفعل هذا؟ فيقول:

حجرا، أي منعا، وقال سيبويه: أي سترا وبرأة من هذا (٤). والحجر يراد به الستر ومنه: وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (٥) أي حراما (٦)؛ لأن الحرام ممنوع منه.

ومحجورا تأكيد يريد حجرا حجرا، لكن أتى بصيغة المفعول وهو لا ينصرف إن كان بمعنى المبارأة والتعوذ، فإن كان على أصله من المنع أو الستر من غير أن يشاب هذا المعنى، تصرف كقوله تعالى: قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (٧) أي لصاحب مانع يمنعه عن الباطل، أي صاحب عقل، ولذلك فسر هنا بالعقل؛ فأما وَحِجْراً مَحْجُوراً (٨) يعد برزخا فمعناه ستر، فلم يجعل موضع الفعل على ذلك المعنى، وقيل: هو هنا على الأصل المذكور نائبا عن فعل، كأنه لما جعل بينهما البرزخ قدر ذلك بينهما تنافرا، فصار كل واحد منهما كأنه يقول للآخر: حجرا محجورا، مبالغة في الحجر، قال: وذهب المبرد (٩) إلى أن حجرا يتصرف لما رآه يتصرف في موضع، ولكن قد تقدم الفرق (١٠).


(١) ينظر: المقتضب (٣/ ٢١٩).
(٢) التذييل (٣/ ٢٠٩، ٢١٠).
(٣) سورة الإسراء: ٥٠.
(٤) الكتاب (١/ ٣٢٦).
(٥) سورة الفرقان: ٢٢.
(٦) ينظر: معاني القرآن للفراء (٢/ ٢٦٦)، وإصلاح المنطق (ص ٢٠).
(٧) سورة الفجر: ٥.
(٨) سورة الفرقان: ٥٣.
(٩) ينظر: المقتضب (٣/ ٢١٨).
(١٠) التذييل (٣/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>