للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد سار الركب ونحوهما - على أنها مصادر، وجاءت على وزن فاعل كقولهم:

فلج به فالجا، وما ذهب إليه غير صحيح (١)؛ لأنه يوافقنا على أن عائذا وقاعدا ونحوه لا يدل على المصدرية في غير الأمثلة التي ادعى فيها المصدرية؛ فدلالتها عليها في هذه الأمكنة اشتراك ومخالفة للاستعمال المجمع عليه فلا تقبل بمجرد الدعوى، ولو سلم الاشتراك لكانت المصدرية مرجوحة في الصفات المشار إليها؛ لأن استعمالها في غير المصدرية أكثر من استعمالها في المصدرية عند من يرى صلاحيتها؛ فكان الحكم بعدم مصدريتها أولى، ومما يدل على أن عائذا وقاعدا ونحوهما ليست مصادر في الأمكنة [٢/ ٣٨٩] المذكورة امتناع مجيئها في الأمكنة المختصة للمصدرية نحو: قعدت قعودا طويلا، وقعدت قعود خاشع، والقعود المعروف؛ فلو جعلت قاعدا في أحد هذه الأمكنة لم يجز، فدل ذلك على انتفاء مصدريته وبثبوت حاليته، ولذلك لا يجيء هذا النوع إلا نكرة، ولو كان مصدرا لجاز وقوعه معرفة، كما جاز تعريف المصدر، قال سيبويه: ومن العرب من ينصب بالألف واللام، من ذلك: الحمد لله، فنصبها عامة بني تميم، وناس من العرب كثير، وسمعنا العرب الموثوق بهم يقولون: العجب لك (٢)، قلت: فعلى هذا لو قيل: العياذ بك على موضع عياذا بك لجاز، ولو عرف عائذ من قولهم: عائذا بك -


(١) تبع أبو حيان المصنف في هذه المسألة حيث نسب إلى المبرد هذا الرأي الذي نسبه المصنف إليه هنا، وقد رد محقق الجزء الثالث من كتاب التذييل على أبي حيان هذا الرأي، فقال: ما هو مصرح به هنا خلاف ما جاء في المقتضب، وعبارة المقتضب هي: وإن شئت وضعت اسم الفاعل في موضع المصدر، فقلت: أقائما وقد قعد الناس، فإنما جاز ذلك لأنه حال، والتقدير: أثبت قائما، فهذا يدلك على هذا المعنى. اه. المقتضب (٣/ ٢٢٩) وينظر: التذييل (٣/ ٢٤٨) هـ ٣ وقد علق الشيخ عضيمة على هذه المسألة، فأورد نص سيبويه فيها، ثم قال: ومن هنا يتبين لنا أن سيبويه والمبرد على وفاق في أن نحو: أقائما وقد قعد الناس حال حذف عاملها، والخلاف بينهما في تقدير العامل؛ فسيبويه يقدر العامل من لفظ الوصف أي أتقوم قياما، والمبرد يقدر العامل: أتثبت، وفي تعليق السيرافي: قال المبرد: والقول عندي ما قاله سيبويه؛ لأنه قد تكون الحال توكيدا، كما يكون المصدر توكيدا، والرضي في شرح الكافية ينسب إلى سيبويه والمبرد أن الوصف عندهما مفعول مطلق والصفة قائمة مقام المصدر، والسيوطي ينسب إلى المبرد أن الوصف مصدر جاء على وزن فاعل. اه. المقتضب (٣/ ٢٢٩). اه.
وينظر المسألة في: الهمع (١/ ١٩٣ - ١٩٤)، وشرح الكافية للرضي (١/ ١٩٦)، وابن يعيش (١/ ١٢٣) والكتاب (١/ ٣٤٠)، والمباحث الكاملية (ص ٩٤٢).
(٢) الكتاب (١/ ٣٢٩، ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>