للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لم يجز، فدل ذلك على أنه حال لا مصدر، وفي بعض ما ذكرته كفاية والحمد لله.

وكما استغنوا عن الفعل في هذه المواضع بالحال استغنوا في بعضها بالمفعول به كقولهم: تربا له وجندلا على تقدير: ألزمه الله وأطعمه، وكلا التقديرين قول سيبويه (١)، ومثله قولهم: فاها لفيك، والضمير ضمير الداهية، ومنه قول الشاعر (٢):

١٤٩٢ - تحسّب هوّاس وأقبل أنّني ... بها مفتد من واحد لا أغامره

فقلت له: فاها لفيك فإنّها ... قلوص امرئ قاريك ما أنت حاذره (٣)

ومن حكم بالمصدرية على هذه الأسماء، فليس بمصيب، ولو نال من الشهرة أوفر نصيب، لكن الموضع بالأصالة للفعل، ثم للمصدر، ثم للحال، ثم للمفعول به، فمن قال: تربا لك وجندلا، فكأنه قال: تربت وجندلت، ومن قال: فاها لفيك، فكأنه قال: دهيت، فلو روعي في النّيابة الدرجة الأولى لقيل: تربا لك، وجندلة، ودهيا، ولو روعيت الدرجة الثانية لقيل: متروبا ومجندلا ومدهيا؛ لكنهم راعوا الدرجة الثالثة فجيء بأسماء الأعيان، ومن نيابة المفعول به عن فعل الإنكار قول رجل من بني أسد: يا بني أسد أأعور وذا ناب؟! (٤) يريد: أتستقبلون أعور وذا ناب، وذلك في يوم التقى فيه بنو أسد وبنو عامر، فرأى بعض الأسديين بعيرا أعور، فتطير وقال لقومه هذا الكلام، فقضي أن قومه هزموا وقتل منهم. انتهى كلام المصنف (٥). -


(١) ينظر: الكتاب (١/ ٣١٤).
(٢) هو أبو سدرة الأسدي أو الهجيمي وقيل: إنه لرجل من بني الهجيم، ينظر: اللسان «حسب»، والخزانة (١/ ٢٨٠).
(٣) البيتان من الطويل وهما في: الكتاب (١/ ٣١٦)، وشرح الأبيات للسيرافي (١/ ٢٦١)، ونوادر أبي زيد (ص ٥٠٥، ٥٠٦)، والمخصص (١٢/ ١٨٥)، والمستقصي (٢/ ١٧٩)، والتذييل (٣/ ٢٥٤)، وابن يعيش (١/ ١٢٢)، والخزانة (١/ ٢٧٩)، واللسان «حسب - فوه».
اللغة: قاريك ما أنت حاذره: أي لا أقري لك إلا السيف.
والشاهد فيه: نصب «فاها» في البيت الثاني بفعل مضمر تقديره: ألصق الله، أو جعل الله فاها لفيك، ووضع موضع (دهاك الله) فنصب؛ لأنه بدل من اللفظ بالفعل.
(٤) سبق تخريج هذا المثل وهو في: الكتاب (١/ ٣٤٣)، واللسان «عور».
(٥) شرح التسهيل للمصنف (٢/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>