للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وها هنا أمور ننبه عليها منها:

١ - أن الفعل الموافق (هنيئا) في الاشتقاق كهنأ، يقال: هنأني الطعام أي ساغ لي وطاب، واسم الفاعل هانئ، وهنيء عدل من هانئ إليه للمبالغة، وأجازوا أن يكون من هنؤ الطعام إذا ساغ كما يقال: ظرف فهو ظريف، قالوا: وكذلك (مريئا) يحتمل أن يكون من هنأني الطعام ومرأني، ومن هنؤ الطعام ومرؤ، ثم إذا لم يذكر هنأني يقال:

أمرأني رباعيّا، واستعمل مع هنأني [٢/ ٣٩٠] ثلاثيّا طلبا للتشاكل، والمريء ما ينساغ في الحلق (١)، وإذ قد عرف اشتقاق هاتين الكلمتين، فاعلم أن سيبويه قال:

هنيئا مرئيا صفتان نصبوهما نصب المصادر المدعو بها بالفعل غير المستعمل إظهاره المختزل للدلالة التي في الكلام عليه، كأنهم قالوا: ثبت ذلك هنيئا مريئا (٢). انتهى.

ومريئا تابع لهنيئا، وقال الزمخشري: إن انتصاب هنيئا مريئا في قوله تعالى: فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (٣) على أنه نعت لمصدر محذوف أي: فكلوه أكلا هنيئا، أو على أنه حال من ضمير المفعول (٤). قال الشيخ: وهو قول مخالف لقول أئمة العربية سيبويه وغيره، فعلى ما قاله أئمة العربية يكون هنيئا مريئا من جملة أخرى غير (فكلوه)، ولا تعلق له به من حيث الإعراب، بل من حيث المعنى (٥). انتهى.

وكان الزمخشري يقول: إن هنيئا له استعمالان:

أحدهما: أن لا يقصد به الدعاء، فيستعمل مكملا به كلام تقدمه، وحينئذ يكون معمولا للعامل الكائن في ذلك الكلام، وعلى ذلك جاء قوله تعالى: فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ومن ثم أعرب نعتا لمصدر محذوف، أو حالا.

ثانيهما: أن يقصد به الدعاء، فيؤتى به في ابتداء الكلام (٦)، وذلك بأن يقول -


(١) ينظر: اللسان مادة «مرأ وهنأ» وشرح المفصل لابن الحاجب (١/ ٢٤٠) وإصلاح المنطق (٣٥٢)، والإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني للفارسي (ص ٦١٥)، والمباحث الكاملية (ص ٩٤١) والتذييل (٣/ ٢٥٠).
(٢) الكتاب (١/ ٣١٦، ٣١٧) بتصرف يسير.
(٣) سورة النساء: ٤.
(٤) الكشاف (١/ ١٦٠).
(٥) التذييل (٣/ ٢٥٠).
(٦) الكشاف (١/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>