للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إنسان: أكلت أو شربت، فتقول له هنيئا مريئا، وهذا هو الذي يجب إضمار عامله، وهو الذي قصده سيبويه، إلا أن

يقال: ليس من شأن الطعام أن يكون هنيئا مريئا بنفسه، وإنما ذلك من فعل الله تعالى، وإذا كان كذلك تعين أن يكون هنيئا مريئا دعاء، وإذا كان دعاء تعين أن يكون له عامل غير ما هو له مذكور في الكلام، وهو ما أشار إليه سيبويه بقوله: كأنهم قالوا: نبت ذلك هنيئا مريئا (١).

ثم قال الشيخ: وجماع القول في (هنيئا) أنها حال قائمة مقام الفعل الناصب لها، فإذا قيل: إن فلانا أصاب خبزا، فقلت: هنيئا له ذلك، فالأصل ثبت له ذلك هنيئا فحذف ثبت وأقيم هنيئا مقامه.

واختلفوا حينئذ فيما يرفع به ذلك فقال السيرافي: إنه مرفوع بذلك الفعل الذي هو ثبت وهنيئا حال من ذلك، وفي هنيئا ضمير يعود على ذلك، وإذا قلت (هنيئا) ولم تقل ذلك بل اقتصرت على (هنيئا) ففيه ضمير مستتر يعود على ذي الحال وهو ضمير الفاعل الذي استتر في ثبت المحذوف (٢)، وذهب الفارسي إلى أن (ذلك) مرفوع بقولك (هنيئا) القائم مقام الفعل المحذوف؛ لأنه صار عوضا منه، ولا يكون في هنيئا ضمير، لأنه قد رفع الظاهر أعني اسم الإشارة، وإذا قلت (هنيئا) دون (ذلك) ففيه ضمير فاعل بها وهو الضمير الذي كان فاعلا لثبت، ويكون (هنيئا) قد قام مقام الفعل المختزل مفرغا من الفاعل، قال: وإذا أتبعت (هنيئا) بقولك (مريئا) ففي نصب (مريئا) خلاف:

قال بعضهم (٣): إنه صفة لقولك: (هنيئا)، وقال الفارسي (٤): إن انتصابه [٢/ ٣٩١] انتصاب (هنيئا) فالتقدير عنده ثبت (مريئا). ولا يجوز عنده أن يكون صفة لقولك: (هنيئا) من جهة أن حكم (هنيئا) حكم الفعل لنيابته عنه، والفعل لا يوصف (٥). انتهى. ولا يخفى ضعف هذا التعليل، وليعلم أن سيبويه أجاز أن يكون الفعل المقدر الناصب لهنيئا هنأ، مع إجازته تقدير ثبت، والتقدير: هنأه ذلك -


(١) الكتاب (١/ ٣١٧).
(٢) شرح السيرافي للكتاب (٣/ ٨٦، ٨٧).
(٣) هو أبو الحسن الحوفي كما في التذييل (٣/ ٢٥١).
(٤) المسائل الشيرازيات (ص ٣٤٢، ٣٤٣)، وينظر: الارتشاف (ص ٥٥٠).
(٥) التذييل (٣/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>