كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد

الباب الخامس والعشرون باب المفعول المسمى ظرفا ومفعولا فيه - [أحكام إذ حين تجيء ظرفا وغير ظرف] - ج: 4 - ص: 1923

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تقع مفعولا بها نحو قوله تعالى: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ (١)، ولبنائها سببان كل واحد منهما كاف لو انفرد:

أحدهما: وضعها على حرفين لا ثالث لهما بوجه.

والثاني: لزوم افتقارها إلى جملة أو عوض منها (٢)، وهو التنوين اللاحق في نحو: يومئذ، وحق تنوين العوض أن يكون عوضا من بعض كلمة، كتنوين «يعيل» (٣) مصغر يعلى، فإنه عوض من لام الكلمة، وكتنوين جندل فإنه عوض من ألف جنادل (٤)، فلما كانت الكلمة التي تضاف إليها «إذ» بمنزلة الجر منها وحذفت عوملت في التعويض منها معاملة جزء حقيقي. وفعل بذال إذ مع هذا التنوين ما فعل بهاء «صه» مع تنوين التنكير، فقيل: «إذ» كما قيل «صه» (٥)، وزعم الأخفش: أن كسرة «إذ» كسرة إعراب بالإضافة (٦)، وأظن حامله على ذلك أنه جعل بناءها نائبا عن إضافتها إلى الجملة، فلما زالت من اللفظ صارت معربة، ورد بعض النحويين عليه بقول العرب: كان ذلك إذ بالكسر دون مضاف إلى «إذ» (٧). ولم يغفل الأخفش هذا بل ذكره وأنشد (٨):

١٥١٥ - نهيتك عن طلابك أمّ عمرو ... بعافية وأنت إذ صحيح (٩)

-

---

(١) سورة الأنفال: ٢٦. ينظر التذييل: (٣/ ٣٠٨)، ورصف المباني للمالقي (ص ٦٠)، والمطالع السعيدة (ص ٢٢١).
(٢) ينظر: الهمع (١/ ٢٠٤)، والمطالع السعيدة (ص ٢٢١)، وابن يعيش (٤/ ٩٥).
(٣) «يعيل»: اسم رجل.
(٤) ينظر: شرح الألفية للمرادي (١/ ٢٤).
(٥) شرح التسهيل للمصنف (٢/ ٢٠٧).
(٦) ينظر: الارتشاف (ص ٥٦٢)، والمغني (١/ ٨٥، ٨٦)، والهمع (١/ ٢٠٥).
(٧) ينظر: التذييل (٣/ ٣١١)، والهمع (١/ ٢٠٥)، والمغني (١/ ٨٥، ٨٦).
(٨) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وهو خويلد بن خالد بن محرث، شاعر جاهلي إسلامي.
(٩) البيت من الوافر، وهو في: الخصائص (٢/ ٣٧٦)، وابن يعيش (٣/ ٢٩، ٩/ ٣١)، والمخصص (١٤/ ٥٦)، وشرح التسهيل (٢/ ٢٠٧)، والأشموني بحاشية الصبان (١/ ٢٦)، وحاشية يس (٢/ ٣٩)، واللسان مادة الألف اللينة.
اللغة: الطلاب بمعنى الطلب.
والشاهد فيه: تنوين «إذ» وكسرها دون أن يضاف إليها شيء، وقد رد بهذا البيت على الأخفش.