للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثم قال: أراد: وأنت حينئذ صحيح، فحذف المضاف وأبقى الجر به (١)، وهذا منه غير مرضي؛ لأن المضاف لا يحذف ويبقى الجر به إلا إذا كان المحذوف معطوفا على مثله، كقولهم: ما مثل أبيك وأخيك يقولان ذلك، و «ما كل بيضاء شحمة ولا سوداء تمرة» (٢)، فحذف مثل المضاف إلى أخيك، وكل المضاف إلى سوداء لدلالة ما قبلهما عليهما، و «إذ» في البيت المذكور بخلاف ذلك، فلا يحكم لها بحكمه. وأيضا فإن حذف المضاف وإعراب المضاف إليه بإعرابه أكثر من حذف المضاف وجر المضاف إليه، ومع أنه أكثر هو مشروط بعدم صلاحية الباقي لما صلح له المحذوف كالقرية بالنسبة إلى الأهل، فلو صلح الباقي لما صلح له المحذوف امتنع الحذف (٣)، فلأن يمتنع عند ذلك حذف المضاف وبقاء المضاف إليه مجرورا أحق وأولى، ومعلوم أن «إذ» من حينئذ صالح لما تصلح له حين، فلا يجوز فيها الحذف المذكور كما لا يجوز في غلام زيد، وأيضا فإن المضاف إلى «إذ» قد يبنى كقراءة نافع (٤): وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٥)، ولا علة لبنائه إلا إضافته إلى مبني، فبطل قول من قال: إن كسرة «إذ» كسرة إعراب،

ولم أقيد الجملة التي تضاف إليها «إذ» بكونها اسمية ولا فعلية؛ ليشعر ذلك أن للمتكلم أن يضيفها إلى ما شاء منهما (٦)، ثم أشرت إلى استقباح تقديم اسم بعدها على فعل ماض نحو: كان ذلك إذ زيد قام، فعلم أن غير ذلك حسن نحو: كان ذلك إذ قام زيد [٢/ ٤١٧]، -


(١) معاني القرآن للأخفش (٢/ ٤٨٤) بتحقيق عبد الأمير محمد أمين الورد.
(٢) مثل يضرب في موضع التهمة: «وأصله: أنه كانت هند بنت عوف بن عامر تحت ذهل بن ثعلبة بن عكاية، فولدت له عامرا وشيبان، ثم هلك عنها ذهل فتزوجها بعده مالك بن بكر، فولدت له ذهل بن مالك، فكان عامر وشيبان مع أمهما في بني ضبة، فلما هلك مالك انصرفا إلى قومهما، وكان لهما مال عند عمهما قيس بن ثعلبة فوجداه قد أخفاه فوثب عامر بن ذهل فجعل يخنقه، فقال قيس: يا ابن أخي دعني فإن الشيخ متأوه، ثم قال هذا المثل، ومعناه أنه وإن أشبه أباه خلقا فلم يشبهه خلقا» اه. مجمع الأمثال (٢/ ٢٨١، ٢٨٢).
(٣) ينظر: التذييل (٣/ ٣١١).
(٤) ينظر: الحجة لابن خالويه (ص ٢٧٥)، وتحبير التيسير (ص ١٥٣)، والإتحاف (ص ٣٤٠)، والقراءة في الآية هي بفتح «ميم» يومئذ لإضافتها إلى غير متمكن، ووافق نافعا في هذه القراءة عاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر. أما غيرهم فيقرأ بكسر الميم على أنها معربة.
(٥) سورة النمل: ٨٩.
(٦) ينظر: شرح قواعد الإعراب للأزهري (ص ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>