للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ (١) أن إذ ظرف لمضاف محذوف، التقدير: «واذكر قصة مريم» (٢) ويدل على صحة هذا التقدير في مثل هذه الآيات الشريفة ظهور مثله في قوله تعالى: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً (٣).

المبحث الثالث:

إذا أفادت «إذ» التعليل فهل هي حرف كلام التعليل أو هي باقية على ظرفيتها، واستفيد التعليل من سياق الكلام؟.

ذكروا أن في ذلك خلافا (٤)، ولم يشعر كلام المصنف بشيء من القولين، بل إذا حمل على ظاهره وجب القول بأنها باقية على الظرفية عنده؛ لأن الضمير المستتر في قوله: «وتجيء للتعليل» يرجع إلى «إذ» المتقدمة الذكر المحكوم باسميتها.

والذي تركن إليه النفس القول بحرفيتها، ويؤيد ذلك قوله تعالى: وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ (٥) فإن التعليل يستفاد من الآية الشريفة بلا شك، قال بعض المصنفين (٦): إذا حملنا «إذ» على الوقت كان المعنى: «ولن ينفعكم اليوم وقت ظلمكم الاشتراك في العذاب، وحينئذ لا يستفاد التعليل، لاختلاف زمني الفعلين، ويبقى إشكال في الآية وهو أن «إذ» لا تبدل من اليوم لاختلاف الزمانين ولا تكون ظرفا «لينفع»؛ لأنه -


- وإنما العامل في «إذ» معنى الاصطفاء. اه. وقد رد ابن هشام هذا المذهب أيضا في المغني (١/ ٨٠).
(١) سورة مريم: ١٦.
(٢) جوّز الزمخشري إعراب «إذ» في مثل هذه الآية بدلا، وقد ذكر هذا الرأي في إعرابه لقوله تعالى:
وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ في سورة الأعراف. وردّ عليه أبو البقاء هذا الرأي في إعرابه لآية سورة مريم التي معنا حيث قال: وهو بعيد - أي إعرابها بدلا - لأن الزمان إذا لم يكن حالا من الجثة ولا خبرا عنها ولا وصفا لها لم يكن بدلا منها. اه.
ينظر: الكشاف (١/ ٢٧٠)، وإملاء ما من به الرحمن (٢/ ١١١)، وشرح الدماميني للمغني (١/ ١٧٢).
(٣) سورة آل عمران: ١٠٣.
(٤) ينظر: شرح قواعد الإعراب (ص ١٨٣، ١٨٤)، والمغني (١/ ٨٢)، وشرح الدماميني على المغني (١/ ١٧٦).
(٥) سورة الزخرف: ٣٩.
(٦) ذكر الجزء الأول من هذا النص ابن هشام في المغني (١/ ٨٢)، وذكر الجزء الثاني منه من أول قوله: وقال ابن جني .... إلخ - أبو البقاء العكبري في إملاء ما من به الرحمن (٢/ ٢٢٧، ٢٢٨) مع إيراده الجزء الأول من النص بالمعنى. فلعل المقصود بقول الشارح هنا: بعض المصنفين - أحدهما. وأرجح أبا البقاء لسبقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>