للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يكونان بمعنى الحروف المذكورة سواء أكانا حرفين أم اسمين، وإذا حقق النظر ظهر أنه يحتاج إلى تفسيرهما بأحد الحروف المذكورة إذا كانا حرفين، أما إذا كانا اسمين ورفع ما بعدهما فقد عرفت أن الجماعة يقولون: إنهما إما أن يكونا لابتداء الغاية كما في نحو: ما رأيته مذ يوم الخميس، فيقدرونهما حينئذ بأول، وإما أن يكونا للغاية كما في نحو: ما رأيته مذ أربعة أيام فيقدرونهما حينئذ بأمد (١)، وإذا كان كذلك فابتداء الغاية إنما يستفاد من أول، وانتهاؤها إنما يستفاد من أمد، وأما المصنف فقد عرفت أن اختياره إذا رفع ما بعد هاتين الكلمتين تقدير رافع، ليصير الواقع بعدهما جملة، فما كان معنى مذ ومنذ من الظرفية حال الإتيان بجزأي الجملة بعدهما لفظا كان معناهما حين يذكر المرفوع، ويحذف رافعه. وبهذا الذي قلناه يتبين أن ما فعله المصنف من أنه قصر تفسيرهما بالحروف المذكورة على حالة الجر بهما أولى من إطلاق غيره الكلام في ذلك، فإن قيل: إذا كان المصنف حال رفع الاسم الواقع بعدهما لا يقدرهما بأول ولا بأمد، والغرض أنه لا يجعلهما بمعنى ما ذكره من الحروف إلا إذا جرا ما بعدهما، فمن أين يستفاد كونهما لابتداء الغاية في صورة وللغاية في صورة؟

فالجواب أن يقال: معنى الغاية أن العمل يتحتم كونه في جميع المدة، ومعنى ابتداء الغاية أن لا يتحتم ذلك، ولا شك أنهما إنما يكونان للغاية إذا كان اسم الزمان الذي بعدهما معدود، وإنما يكونان لابتداء الغاية إذا كان اسم الزمان بعدهما مختصّا غير معدود، وإذا كان كذلك فالمصنف قد أفاد ذلك بقوله في أوائل هذا الباب: إن مظروف ما يكون جوابا لكم واقع في جميعه، وإن مظروف ما يكون جوابا لمتى إذا لم يكن اسم شهر غير مضاف إليه شهر جائز أن يكون العمل في جميعه أو بعضه.

وإذ قد عرف هذا فلنذكر أبحاثا: - الأول:

قد عرفت أنهم ذكروا أن «مذ» أصلها «منذ» وتقدم استدلال المصنف على ذلك، لكن ذهب بعضهم (٢) إلى أن كلّا منهما أصل، قال: لأن الحذف -


(١) ينظر: شرح الجمل لابن بابشاذ (١/ ٣٤١)، وشرح الكافية للرضي (٢/ ١٢١)، والمغني (١/ ٣٣٥)، والأشموني (٢/ ٢٢٦، ٢٢٧)، والمطالع
السعيدة (ص ٤١٢).
(٢) هو أبو إسحاق بن ملكون كما في: التذييل (٣/ ٣٤٤)، والأشموني (٢/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>