للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تصريف، والتصريف لا يكون في الحروف ولا في الأسماء غير المتمكنة. ورد الشلوبين ذلك بأن الحذف قد جاء في الحروف؛ فقد خففوا إنّ وأنّ وكأنّ [٢/ ٤٤٠] قال: وقد جعل سيبويه على من العلو (١)، فقال الشيخ: والعجب لهم أنهم يجعلون «مذ» فرعا من «منذ»، وأن الغالب على مذ الاسمية وعلى «منذ» الحرفية، ويستدلون على ذلك بأن الحذف في الأسماء أكثر منه في الحروف؛ لأنه تصرف، والتصرف بابه أن يكون في الأسماء، وكون «مذ» محذوفة من «منذ» يقتضي أن يكون «منذ» اسما؛ لأنها هي، ومحال أن يكون الشيء حرفا فإذا أخذ منه شيء صار اسما؛ لأن الحذف من الشيء لا يغير الماهية، ألا تراهم حين حذفوا من «حر» الحاء وهو اسم بقي اسما، وكذا «رب» هي بعد الحذف حرف أيضا كما كانت قبله، وكذا «يعد» لما حذفوا منه الواو باق على الفعلية، قال: فالذي ينبغي أن يقال: إن «مذ» إذا استعملت اسما مرفوعا ما بعدها فهي محذوفة من «منذ» الاسمية أيضا، لكن جاء الرفع بعدها أكثر مما جاء بعد منذ، وقد يغلب على الفروع حكم يقل في الأصول (٢). انتهى، وهو كلام حسن.

الثاني:

قد تقدم من كلام المصنف أن «مذ ومنذ» إذا وليهما جملة تامة كانا ظرفين لها وأنهما مضافان إلى الجملة، وتقدم أن ذلك مذهب السيرافي ورأي ابن خروف، وأنه مذهب سيبويه، وأشعر كلامه بأن في المسألة خلافا؛ لأنه قال بعد ما تقدم من كلام سيبويه: فمن زعم خلاف ذلك فقد خالف سيبويه بما لا دليل عليه، والمخالف في ذلك أبو الحسن، فإنه ذهب إلى أنهما إذا وليهما الجملة لفظا لا يكونان إلا مرفوعين على الابتداء، ولا بد من تقدير اسم زمان محذوف يكون خبرا عنهما؛ لأنهما لا يدخلان عنده إلا على أسماء الزمان ملفوظا بها أو مقدرة (٣)، وقد اختار ابن عصفور هذا المذهب، فإنه قال: مذ ومنذ لا يدخلان إلا على الزمان، فإن دخلتا على جملة فعلى حذف اسم الزمان، فإذا قلت: ما رأيته مذ زيد قائم، -


(١) ينظر: التذييل (٣/ ٣٤٤)، والمغني (١/ ٣٣٧)، والتصريح (٢/ ٢١)، والأشموني (٢/ ٢٢٩).
(٢) التذييل (٣/ ٣٥٣).
(٣) ينظر: التذييل (٣/ ٣٤٦)، والارتشاف (ص ٥٦٩)، والهمع (١/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>