للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فالتقدير: ما رأيته مذ زمن زيد قائم (١)، انتهى. ولا شك أن هذا مصادمة لقول سيبويه: ومما يضاف إلى الفعل أيضا قولهم: ما رأيته مذ كان عندي ومذ جاءني (٢)، وقد شرح الفارسي كلام سيبويه فقال: مذ فيمن رفع بهما بمنزلة «إذ» و «حيث» ووجه الجمع بينهما أنه إذا رفع بها تصير اسما من أسماء الزمان كقولك: مذ يومان، وخبر المبتدأ لا يكون إلا المبتدأ في المعنى. فإذا كان كذلك علمت أن «مذ» إذا رفعت اسم (٣)، وإذا جعل اسما من أسماء الزمان جاز إضافته إلى الجملة كما جاز إضافة «إذا» إليها، وذلك نحو قولهم: لم أره مذ كان كذا ومذ خرج زيد، ألا ترى أن «مذ» المتصلة بالفعل لا تخلو من أن تكون اسما أو حرفا، فلا يجوز أن تكون حرف جر؛ لأن حروف الجر لا تدخل على الأفعال، فإذا لم يجز أن تكون حرف جر ثبت أنها اسم، وأنه أضيف إلى الفعل لما كان اسما من أسماء الزمان (٤) [٢/ ٤٤١].

الثالث:

قد تقدمت الإشارة إلى حكم مذ ومنذ إذا وليتهما جملة، وكذا حكمهما إذا وليهما اسم مرفوع، وتقدم ذكر المذاهب في ذلك. والقصد الآن ذكر ذلك ملخصا كي يحصل ضبط ذلك المحصل، فيقال: مذ ومنذ إما أن يقع بعدهما جملة مصرح بها ففيهما مذهبان: قيل: ظرفان مضافان إلى الجملة وهو الأصح، وقيل: مبتدآن، وحينئذ لا بد من تقدير خبر، فيقدر زمان يضاف إلى الجملة يكون ذلك المقدر هو الخبر، وإما أن يقع بعدهما اسم مرفوع فالمذاهب فيهما أربعة: -

قيل: مبتدآن، والمرفوع بعدهما الخبر، وقيل: ظرفان مخبر بهما عما بعدهما، فإذا قلت: ما رأيته مذ يومان فالتقدير: بيني وبين لقائه يومان، ومستند القائل بهذا القول أنهما إذا كانا خبرين لم يخرجا عن الظرفية بخلاف ما إذا كانا مبتدأين، وقيل: إن المرفوع خبر مبتدأ محذوف، قال بعض الكوفيين: ولا يخفى ضعفه، وقيل: إنه مرفوع بفعل مقدر، فالذي بعد «مذ» و «منذ» حينئذ جملة (٥)، وقد -


(١) شرح الجمل لابن عصفور (٢/ ٤٣).
(٢) ينظر: شرح الجمل لابن بابشاذ (١/ ٢٤٢).
(٣) زاد في (ب): (من أسماء الزمان).
(٤) ينظر: التذييل (٣/ ٣٤٧) حيث ذكر نص الفارسي.
(٥) ينظر: شرح الجمل لابن بابشاد (١/ ٢٤٢)، والجمل للزجاجي (ص ١٥١)، وإصلاح الخلل -

<<  <  ج: ص:  >  >>