للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فمن ثم كانت الأقسام في ظرف الزمان بالنسبة إلى التصرف والانصراف أربعة كما تقدم. وأما الأقسام في ظرف المكان بالنسبة إلى ذلك فثلاثة: متصرف منصرف وهو الكثير، ومتصرف غير منصرف كقولك: قعد زيد أسفل منك، الأصل:

مكانا أسفل منك، وقعدنا مقاعد قريبة من زيد، قال الله تعالى: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ (١)، ومنصرف غير متصرف، وهو ما ذكره المصنف في متن الكتاب، ثم إن المتصرف منه ما يكثر تصرفه ومنه ما لا يكثر، وقد بيّن المصنف أنه ثلاثة أقسام، كثير التصرف ومتوسط التصرف ونادر التصرف.

وبعد؛ فأنا أورد كلام المصنف ثم أنبه على ما يتعين التنبيه عليه، قال رحمه الله تعالى (٢): كما انقسم ظرف الزمان إلى متصرف وغير متصرف انقسم ظرف المكان إليهما، فمن المتصرف [٢/ ٤٥٩] ما كثر وقوعه (ظرفا وغير ظرف) (٣)، «كمكان» فإنك تقول إذا نويت ظرفيته: اجلس مكانك، وتقول إذا لم تنو ظرفيته: مكانك لائق بك، ومثل مكان في التصرف بكثرة: يمين وشمال وذات اليمين وذات الشمال، يقال في الظرفية: جلست يمينه وشماله وذهبت به ذات اليمين وذات الشمال، قال الله تعالى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ (٤) ويقال في المجرد من الظرفية: يمين الطريق أسهل و: ماله أقرب، ودارك ذات اليمين، ومنازلهم ذات الشمال، قال الله تعالى: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (٥)، ومن المتصرف ما يكثر تجرده دون كثرة ظرفيته كأمام وقدام ووراء وخلف وأسفل، وهو المعني بقولي: (متوسط التصرف) أي متوسط بين الكثرة والقلة، يقال في الظرفية: كن أمامهم وقدامهم لا خلفهم ولا أسفل منهم، ويقال في التجرد من الظرفية: أمامهم آمن من ورائهم، ويقال: هم خلف وأنتم قدام (٦)، وقال الشاعر: - -


(١) سورة الجن: ٩.
(٢) شرح التسهيل للمصنف (٢/ ٢٣٠).
(٣) في (أ): (متصرف وغير متصرف).
(٤) سورة الكهف: ١٧.
(٥) سورة ق: ١٧.
(٦) في: التذييل (٣/ ٣٩٨): «وزعم الجرمي أنه لا يجوز استعمال الجهات الست إلا ظرفا، ولا يقاس على استعمالها أسماء، ونقل عنه أيضا أنه لا يجوز استعمال «خلف وأمام» اسمين إلا في الشعر.
والقياس يقتضي التسوية بينهما وبين ما ذكر من غير فوق وتحت من الجهات». اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>